أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا} [المائدة: ٢] (١): «مَجازهُ: ولا يَحملنَّكم ولا يُعدِينَّكُم، وقال:

ولقد طَعَنْتَ أَبَا عُيَينةَ طَعنةً جَمَعَتْ فزارة بعدها أن يَغْضَبُوا (٢)» (٣).
والبيت بهذه الرواية محرَّف، ولا شاهد فيه، على هذه الرواية. ولم ينبه المُحققُ على هذا، فيغلب على الظن أن الخطأ طباعي.
وقد ورد هذا الشاهد عند الطبري بروايته الصحيحة وهي:
ولقدْ طعنتَ أَبا عُيينةَ طَعنةً جَرَمَتْ فَزارةَ بعدها أَنْ يَغضبوا (٤)
فالشاهد في قوله: «جَرَمَتْ»، بِمعنى حَمَلَتْ.
وكذلك هو عند ابن قتيبة (٥)، والزمخشري (٦)، وابن عطية (٧)، والقرطبي. (٨)
وقد عُنِيَ العلماء ببيان الروايات الأخرى للشاهد الشعري، وبعضهم عُنِيَ عناية خاصة ببيان الروايات الأخرى التي يبطل معها وجه الاستشهاد كما فعل ابن السيرافي في شرحه لشواهد سيبويه (٩). وقد كان الشعراء أنفسهم ينشدون شعرهم مع تغيير بعض العبارات التي تؤدي معنى متقاربًا، ومن أمثلة ذلك أن ذا الرمة أنشد شعره يومًا فقال:
وظاهِرْ لَها مِنْ يابسِ الشَّخْتِ واستَعِنْ عليها الصَّبا واجْعَلْ يَدَيكَ لَها سِتْرا (١٠)
_________
(١) المائدة ٢.
(٢) البيت لأبي أسماء بن الضريبة، وقيل لعطية بن عفيف. انظر: الكتاب ٣/ ١٣٨ حاشية المُحقق هارون.
(٣) مجاز القرآن ١/ ١٤٧.
(٤) انظر: تفسير الطبري (شاكر) ٩/ ٤٨٣.
(٥) انظر: تأويل مشكل القرآن ٥٥٠.
(٦) انظر: الكشاف ٢/ ٤٢١ ذكر الشطر الثاني فقط، وهو موضع الشاهد.
(٧) انظر: المحرر الوجيز (طبعة قطر) ٤/ ٣٢٩.
(٨) انظر: الجامع لأحكام القرآن ٦/ ٣١ - ٣٢.
(٩) انظر: شواهد الشعر في كتاب سيبويه لخالد عبد الكريم جمعة ٨٢.
(١٠) انظر: ديوانه ٢/ ١٦٤٢.


الصفحة التالية
Icon