في تحري أسباب الاختلاق على الجاهليين التقط من كتب المحاضرات جميع ما فيها مما يتعلق بالاختلاق، وبالعوامل التي حملت عليه، وبالمطامع التي دفعت إليه، ولم يسر في ذلك على ما يقضي به عليه مذهب ديكارت من النقد والتمحيص، بل وثق به ثقة مطلقة مما حملته على إصدار الأحكام جزافًا» (١).
ثالثًا: ضعف الأدلة:
حيث إنه يفترض فرضًا، ثم يبني عليه فرضًا آخر، ويقرنه بفروض أخرى، ثم ينتهي بالقطع والجزم والثبوت، وقدموا لذلك أمثلة كثيرة منها: أنه يورد ثلاث جُمَلٍ، يبرهن على الأولى منها بقوله: «فليس يبعد». ، وعلى الثانية بقوله: «فليس ما يمنع». ، وعلى الثالثة بقوله: «فما الذي يمنع». ويبني على هذه الكلمات الثلاث قوله: «أمر هذه القصة إذن واضح». ويقول الخضري معقبًا على ذلك: «نعم قد اتضح بنفي البعد في الأولى، وعدم المانع في الأخريين، وما علمنا بمنطق في العالم يكتفي في إقامة البرهان على عدم صحة خبر من الأخبار بأنه لا يبعد ضده أو أنه لا مانع من ضده» (٢).
رابعًا: التعسف والشك في كل شعر أو خبر فيه شبه بالقرآن:
يقول الخضر حسين: «من شاء أن ينظر إلى قاعدة تمتد إلى غير نهاية، ولا تتصل بما يمسكها أن تزول إلا إرادة المؤلف، فلينظر إلى هذه الفقرة التي تمثل قلمًا يشتهي أن يكتب فينتكس ويرمي بالحديث في غير قياس، كل شعر أو خبر أو حديث يضاف للجاهليين ويكون بينه وبين آية من القرآن شبه قوي أو ضعيف فهو مصنوع، أليس من الجائز أن ينطق
_________
(١) نقض كتاب في الشعر الجاهلي ٢.
(٢) محاضرات في بيان الأخطاء العلمية التاريخية التي اشتمل عليها كتاب في الشعر الجاهلي ٨.


الصفحة التالية
Icon