أبي الصلت، وأن النبي نهى عن رواية شعره، ويرى أن هذا وحده كاف لأن يضيع هذا الشعر، فيرد عليه محمد الخضر حسين بأن في الحديث الصحيح أن النبي استنشد رجلًا شعر أمية فظل ينشده حتى أنشد مائة بيت (١)، ولو صح أن النبي - ﷺ - نهى عن شعره لكان هذا النهي مقصورًا على قصيدة أمية في رثاء قتلى قريش في بدر، ومع ذلك فإن هذه القصيدة التي يقولون أن النبي - ﷺ - نهى عن روايتها، واردة في بعض كتب السيرة والمغازي وقد رواها ابن هشام في نحو ثلاثين بيتًا (٢).
أما محمد لطفي جمعة فيرد عليه من وجه آخر، وهو ما ورد في الشعر الجاهلي من نثر وشعر عن الجن ووجودها وأخبارها، ويقول: إن مؤلف كتاب الشعر الجاهلي يريد أن يوهم القارئ أن كل ما ورد عن الجن في الشعر والنثر إنما وضع بعد الإسلام وضعًا لتبرير سورة الجن التي جاءت في القرآن الكريم، وإن كل ما نسب إلى العرب في أدبهم من هذه الناحية إنما اصطنع اصطناعًا مجاراة للعقيدة التي اقتضتها هذه السورة، والحقيقة أن عرب الجاهلية كانوا يعتقدون بالجن، ونظموا شعرًا جاهليًا عن علاقة الجن بالشعر والشعراء، ولم تكن أمة سامية أو آرية تخلو من الاعتقاد بالجن أو الأرواح الخيرة والشريرة (٣).
عاشرًا: خطؤه وغلوه:
في قوله: «فحرصوا أن يستشهدوا على كل كلمة من كلمات القرآن بشيء من شعر العرب يثبت أن الكلمة عربية لا شك في عربيتها» (٤). فرأى الشيخ الخضري أن في هذه الجملة غلوًا وخطأ:
أما الغلو فإن الاستشهاد على كل كلمة لا يؤيده الواقع استنادًا إلى
_________
(١) انظر: صحيح مسلم - كتاب الشعر ٤/ ١٧٦٧ (٢٢٥٥).
(٢) انظر: نقض كتاب في الشعر الجاهلي ٢٢٠.
(٣) انظر: الشهاب الراصد ٢١٢.
(٤) في الشعر الجاهلي ٩٠.


الصفحة التالية
Icon