كتب التفسير التي اعتنت بالشواهد كتفسير الطبري وتفسير الزمخشري، فعدد شواهد الكشاف مثلًا ٧٢٧ شاهدًا (١)، وليس هذا عدد كلمات القرآن.
وأما الخطأ ففي ظنه أن هذه الشواهد كلها جاهلية جيء بها لإثبات عربية القرآن، مع أن أكثر الشواهد لشعراء إسلاميين وقليل منها ما هو لشعراء جاهليين أو مجهولين، وما كان الاسستشهاد لإثبات عربية القرآن كما يزعم، وإنما هو لبيان مفهوم الكلمات التي يعدها الناس أحيانًا غريبة، وأن القرآن ليس بدعًا في اللغة، بل جاء بلغة العرب لم تشذ فيه كلمة عن مناهجهم (٢).
ويمكن أن يقال إضافة لما ذكروا في الرد عليه: إنه قد مثَّلَ الشعرُ الجاهلي المنسوب الذي استشهد به المفسرون في كتب التفسير وكتب معاني القرآن وغريبه نسبةً كبيرة من شعر الشواهد، فقد مثَّلَ عند أبي عبيدة في مجاز القرآن ما يزيد على ثلث عدد الشواهد الشعرية (٣)، في حين مثَّل عند الفراء في معاني القرآن أكثر من النصف تقريبًا (٤)، وأما عند الطبري في تفسيره فقد بلغ عدد الشعراء الذين استشهد بشعرهم من شعراء الجاهلية خمسة وتسعين شاعرًا من بين عدد الشعراء الذين احتج بشعرهم وهم يصلون إلى ستين ومائتي شاعر، وسيأتي بيان ذلك.
ومما يدل على صحة الشعر الجاهلي أَنَّ جلة الصحابة استعانوا به في تفسير ألفاظ القرآن الكريم، وبيان معانيه، فقبل عصر الرواة المحترفين، وقبل قيام مدرستي الكوفة والبصرة، كان عمر بن
_________
(١) في الإحصاء الذي قمت به ٨٣١ شاهدًا.
(٢) انظر: محاضرات في بيان الأخطاء العلمية التاريخية التي اشتمل عليها كتاب في الشعر الجاهلي ٤٥.
(٣) ١٩٨ شاهدًا من مجموع الشواهد المنسوبة الذي هو ٥٥٠ شاهدًا شعريًا.
(٤) ٣٦ شاهدًا من مجموع الشواهد المنسوبة الذي هو ٧٢ شاهدًا شعريًا.