فَمَنْ يَلْقَ خَيْرًا يَحْمَدِ النَّاسُ أَمْرَهُ ومَنْ يَغْوَ لا يَعْدَمْ عَلى الغَيِّ لائِمَا (١)
وقال ابن زيد في قوله: ﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩)﴾ [الأنبياء: ١٩] (٢) قال: ﴿وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ﴾ لا يَمَلُّون، وذلك الاستحسار. قال: و ﴿لَا يَفْتُرُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٠] (٣) و ﴿لَا يَسْأَمُونَ﴾ [فصلت: ٣٨] (٤) هذا كُلُّهُ واحدٌ معناه، والكلامُ فيه مُختلفٌ، وهو مِن قولِهِم: بَعِيْرٌ حَسِيرٌ إذا أَعيا وقام (٥)، ومنه قول علقمةَ بنِ عبدةَ:
بِهَا جِيَفُ الحَسْرَى فَأَمَّا عِظَامُهَا فَبِيْضٌ، وأَمَّا جِلْدُهَا فَصَلِيْبُ (٦)
وقال ابن زيد في قوله: ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥)﴾ [المطففين: ٢٥] (٧) الرحيق المختوم: الخمر، قال حسان:
يَسْقُونَ مَنْ وَرَدَ البَرِيصَ عَليهمُ بَرَدَى يُصَفِّقُ بالرَّحيقِ السَّلْسَلِ (٨)
وأما بقية التابعين، فلم يحفظ عنهم في الاستشهاد بالشعر على التفسير إلا روايات مفردة، فالشعبي مع كونه شاعرًا ومن أحفظ الناس لشعر العرب (٩)، لم يرد عنه إلا رواية واحدة - فيما وقفتُ عليه - عند تفسير قوله تعالى: ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤)﴾ [النازعات: ١٤] (١٠) قال الشعبي: بالأرض، ثم أنشد أبياتًا لأمية:
وَفِيها لَحْمُ سَاهِرةٍ وبَحْرٍ (١١)
_________
(١) انظر: المفضليات ٢٤٧، تفسير الطبري (هجر) ١٥/ ٥٧٤، والجامع لأحكام القرآن ٦/ ٨٤.
(٢) الأنبياء ١٩.
(٣) الأنبياء ٢٠.
(٤) فصلت ٣٨.
(٥) أي: توقَّفَ عن السَّيْر. انظر: لسان العرب ١١/ ٣٥٥ (قَوَمَ).
(٦) انظر: ديوانه ١٤، تفسير الطبري (هجر) ١٦/ ٢٤٣.
(٧) المطففين ٢٥.
(٨) انظر: ديوانه ١٢٢، تفسير الطبري (هجر) ٢٤/ ٢١٥، والبَرِيصُ وبَرَدَى نَهْرَان بدمشق. انظر: معجم البلدان ١/ ٥٥٦، ٦٠٠.
(٩) انظر خبره مع عبدالملك بن مروان والأخطل في الأغاني ٢٤/ ٥٠.
(١٠) النازعات ١٤.
(١١) انظر: المصنف ١٠/ ٤٧٥، الدر المنثور ١٥/ ٢٢٨.


الصفحة التالية
Icon