يطلبون علم التفسير، بل جاوز الأمر ذلك حتى أصبح أمثال الفرزدق من الشعراء يفسر القرآن بحضرة كبار التابعين، ويُقَرُّ على ذلك، فقد ذكر الزمخشري أن الحسن البصري رضي الله عنه سُئِلَ عن لغوِ اليمين في الآية، وكان الفرزدق عنده، فقال الفرزدق: يا أبا سعيد، دعني أجب عنك، فقال:
ولستَ بِمَأخوذٍ بلغوٍ تقولهُ | إذا لم تعمَّد عاقدات العزائمِ (١) |
أتباع التابعين:
يُطلقُ مصطلح السلف في كتب التفسير، ويراد به طبقة الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، وعن هذه الطبقات الثلاث نُقِلَ كُلُّ التفسير، ولم يَعُدْ لِمَنْ بعدَهم سِوى الاختيار من أقوالهم، والترجيح بينها. وقد توسع أتباع التابعين في الاستشهاد بالشعر في تفسير القرآن الكريم أكثر من التابعين، نظرًا لحاجة الناس لذلك، ولبدء التدوين والتصنيف في عهدهم بشكل منظم، فقد ذكر أن أبان بن تغلب (ت ١٤١ هـ) قد صنف كتابًا في غريب القرآن، وذكر شواهده من الشعر (٣).
وابن جريج مع كونه من أول من صنف التفسير، إلا أنه لم يرد عنه من الشواهد في التفسير المنقول عنه سوى سبعة أبيات، خَمسة منها في معرض الحديث عن أسباب النُزُول، واثنان لتأكيد معنى لغوي. فقد استشهد ابن جريج بالشعر عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (٦٩)﴾ [آل عمران: ٦٩] فقال: ﴿يُضِلُّونَكُمْ﴾ (٤)، أي: يُهلكونَكُم، ومنه قول الأخطل:
_________
(١) انظر: ديوانه ٨٥١، الكشاف للزمخشري ١/ ٦٧٢ - ٦٧٣.
(٢) المائدة ٨٩.
(٣) انظر: معجم الأدباء ١/ ٤٢٥.
(٤) آل عمران ٦٩.