ولزُهَيْرِ بن جَنابٍ الكلبيِّ (١)، وغيرهم من الشعراء الذين قيل: إِنَّهم أولُ الشعراء، ولكنَّها أبياتٌ قليلة. وأكثر الأقوال والشواهد الشعرية في كتب التفسير واللغة والنحو منسوبةٌ للشعراء المعروفين الذين حُفظت أشعارهم من المهلهل بن ربيعة وطبقته حتى آخرِ عصور الشعراءِ المُستشهدِ بشعرهم. وما سوى ذلك من الشعراء المختلف فيهم وفي زمنهم فالأبيات المنسوبة إليهم قليلةٌ لا تكاد تذكر في باب الشواهد الشعرية العلمية التي هي مَحلُّ البحث، وسيتضح هذا في موضعه.
ولذلك فالعلماء بالشعر قد انتخبوا من الشعراء مَن يقع الاحتجاج بشعرهم في غريب اللغة، وتفسير القرآن، والنحو، والأخبار لِكثرتِهم، ولم يتعرضوا لكل الشعراء لتعذر ذلك عليهم، ولذلك يقول ابنُ سلام: «ذكرنا العربَ وأشعارها، والمشهورين المعروفين من شعرائها وفُرسانِها وأشرافها وأيامها؛ إذ كان لا يُحاطُ بشعر قبيلةٍ واحدة من قبائل العرب، وكذلك فرسانها وساداتها وأيامها، فاقتصرنا من ذلك على ما لا يَجهلهُ عالِمٌ، ولا يستغني عن علمه ناظرٌ في أمر العرب، فبدأنا بالشعر» (٢).
ويقول ابن قتيبة (٣): «وكان أكثر قصدي للمشهورين من الشعراء، الذين يعرفُهم جُلُّ أهلِ الأدب، والذين يقعُ الاحتجاج بأشعارهم في
_________
= وذكر الأصفهاني أن قائل هذه الأبيات المنسوبة لآدم هو خلف الأحمر. انظر: التنبيه على حدوث التصحيف ١٨.
(١) تفسير الطبري (شاكر) ١٥/ ٣٣، الجامع لأحكام القرآن ٥/ ٢٩٧. وزهير هذا هو بن جناب الكلبي، شاعر جاهلي قديم من الأشراف، طال عمره حتى عد من المعمرين. انظر: طبقات فحول الشعراء ١/ ٣٥، الشعر والشعراء ١/ ٣٧٩.
(٢) طبقات فحول الشعراء ١/ ٣.
(٣) هو أبو محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، توفي سنة ٢٧٦ هـ، من كبار علماء أهل السنة، رزقه الله قبولًا وحظًا في التصنيف في فنون كثيرة، من أهم كتبه، تأويل مشكل القرآن، وغريب القرآن، وغيرها. انظر: سير أعلام النبلاء ١٣/ ٢٩٦.