فقد اكتفى بما يؤدي معنىً مستقلًا، ويشتمل على موضع الشاهد من البيت، فأورد عجز البيت وكلمة من صدره، وتَمامُ البيت:
خُدُودًا جَفَتْ في السَّيْرِ حتى كأَنَّمَا | يُبَاشِرنَ بِالمعزاءِ مَسَّ الآرائكِ (١) |
قد يكون جزء من شطر البيت الشعري كافيًا في الاستشهاد، قائمًا بمعناه، فربُّما اقتصر المفسر من البيت على هذا الجزء اليسير منه في استشهاده، ومن أمثلة ذلك قول الطبري وهو يفسر قوله تعالى: ﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ﴾ [الأعراف: ١٤٥] (٢): «وأدخلت الألف واللام في «الألواح» بدلًا من الإضافة، كما قال الشاعر (٣):
......................... والأَحْلامُ غَيْرُ عَوازبِ». (٤)
وهذا الجزء الذي أورده الطبري هو جزء من عجز البيت، وتمام البيت:
لَهُمْ شِيْمَةٌ لَمْ يُعْطَهَا الدَّهْرَ غَيْرُهُمْ | من النَّاسِ، والأَحْلامُ غَيْرُ عَوَازِبِ (٥) |
ومن الأمثلة كذلك على اكتفاء المفسرين بجزء من شطر البيت الشعري قول ابن عطية عند شرحه لمعنى الكتاب في اللغة: «وأَمَّا لكتاب فهو مصدرٌ من «كَتَبَ» إذا جَمَع، ومنه قيل: كَتِيبةٌ؛ لاجتماعها، ومنه قول الشاعر (٦):
....................... وَاكتُبْهَا بِأَسْيَارِ (٧)
_________
(١) انظر: ديوانه ٣/ ١٧٢٩.
(٢) الأعراف ١٤٥.
(٣) هو النابغة الذبياني في معلقته.
(٤) تفسير الطبري (شاكر) ١٣/ ١٠٦.
(٥) انظر: ديوانه ١٣٠.
(٦) هو سالم بن دارة. انظر: الإمتاع والمؤانسة ٣/ ١٦٧.
(٧) انظر: الفاضل للمُبَرِّد ٥٠.