وسبب تسمية سورة الفاتحة بأم الكتاب، وشرح رواية البيت بأن الخمسين سُميت أمًا لأنها جامعة ما دونها من العدد، فسماها أمًا للذي قد بلغها. (١) وهذه الرواية أبلغ في الدلالة على المراد.
في حين رواها كلُّ رواة هذا البيت لأبي محمد عبد الله بن أيوب التيمي:

إذا كانتِ الخمسونَ سِنَّكَ لَمْ يَكُنْ لِدائِكَ إِلَّا أَنْ تَموتَ طَبيبُ (٢)
ولم ينسبها لحُميد بن ثور غير الطبري فيما اطلعت عليه، وليس هذا البيت في ديوان حُميد المطبوع، ولم يشر إليه جامع الديوان، مع وجود قصيدةٍ لهُ على وزن البيت وقافيته. (٣) ولم أجد من رواها قبل الطبري بهذه الرواية، ووردت في الحماسة البصرية كما رواها الطبري منسوبةً للتيمي. (٤) فقد يكون الطبري رواها عن شيوخه، وقد يكون وَهَمًا منه لمشابَهته قصيدةَ حُميدٍ البائية.
- ومن الأمثلة أيضًا على انفراد الطبري بروايات للشاهد الشعري، أنه عند تفسيره لمعنى الآية في القرآن، وأنها تحتمل وجهين في كلام العرب، أولهما: العلامة، «والآخر منهما القصة، كما قال كعب بن زهير بن أبي سلمى:
أَلا أَبْلغَا هذا المُعَرِّضَ آيةً أَيقظانَ قالَ القولَ إِذْ قالَ أَمْ حَلُمْ
يعني بقوله: «آية»
. رسالة مني وخبرًا عني، فيكون معنى الآيات القصص التي تتلو قصة بفصول ووصول». (٥) وهذه الرواية مخالفة لرواية الديوان، حيث ورد في الديوان:
_________
(١) انظر: تفسير الطبري (شاكر) ١/ ١٠٧ - ١٠٨.
(٢) انظر: البيان والتبيين ٣/ ١٩٥، عيون الأخبار ٢/ ٣٢٢، أمالي القالي ٣/ ١، محاضرات الأدباء ٢/ ١٩٨، وتعليق محمود شاكر في تفسير الطبري ١/ ١٠٨ حاشية رقم ٤.
(٣) انظر: ديوان حميد بن ثور الهلالي ٥٠ - ٦٠.
(٤) انظر: الحماسة البصرية ٢/ ٨٨٧.
(٥) تفسير الطبري (شاكر) ١/ ١٦.


الصفحة التالية
Icon