ومن أمثلة ذلك قول ابن عطية عند تفسير قوله تعالى: ﴿جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ﴾ [الكهف: ٧٧] (١) وهو يبين القراءات في قوله: ﴿يَنْقَضَّ﴾: «وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وعكرمة: (أنْ ينقَاصَ) بالصاد غير منقوطة (٢)، بِمَعنى: ينشق طولًا، يقال: انقاصَ الجِدارُ، وطيُّ البئرِ، وانقاصَتْ السنُّ إذا انشقت طولًا، وقيل: إذا تصدعتْ كيف كانَ، ومنه قول أبي ذؤيب:

فِراقٌ كَقيصِ السِّنِّ فالصبرَ إِنَّهُ لكلِّ أُناسٍ عَثْرَةٌ وجُبُورُ (٣)
ويُروى البيتُ: عَبْرَةٌ وحُبُورُ بالباء والحاء». (٤) وقال الزمخشري: «انقاصَ البناءُ والبئرُ والرملُ وغيرُها، وتقيَّصتْ: انهارت» (٥).
فقد حرص ابن عطية على ضبط الكلمة في الشاهد بالعبارة، وأنها بالباء والحاء المهملتين، حتى يتضح معنى الشاهد على الروايتين. ولم أجد من نبه على هذه الرواية للبيت غير ابن عطية (٦).
ومن الأمثلة أيضًا على توثيق الشاهد بضبط عبارته قول ابن عطية عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا﴾ [الأعراف: ١٢٦] (٧) وهو يُبَيّنُ القراءات في قوله: ﴿تَنْقِمُ﴾ وأن الجمهور قرأ بكسر القاف، وقرأ أبو حيوة وغيره بفتحها: «وهما لغتان. قال أبو حاتم: الوجه في القراءةِ كسرُ القافِ، وكلُّ العُلماءِ أنشدَ بيت ابنِ الرُّقيَّات:
ما نقَمُوا من بني أمية............................. (٨)
_________
(١) الكهف ٧٧.
(٢) انظر: مختصر في شواذ القرآن لابن خالويه ٨٤.
(٣) انظر: ديوان الهذليين ١/ ١٣٨.
(٤) المحرر الوجيز (قطر) ٩/ ٣٧٣ - ٣٧٤.
(٥) أساس البلاغة ٥٣١ (قيص).
(٦) انظر: شرح أشعار الهذليين ١/ ٦٦.
(٧) الأعراف ١٢٦.
(٨) والبيت بتَمامه:
ما نَقَمُوا مِن بني أميَّةَ إِلَّا أَنَّهمْ يَحْلُمونَ إِنْ غَضِبوا
انظر: ديوانه ٤.


الصفحة التالية
Icon