رَمَادٌ كَكُحلِ العينِ لأَيًا أُبِينُه ونُؤيٌ كَجِذْمِ الحوضِ أَثْلَمُ خَاشِعُ (١)
وهذا شاهد لغوي على أَنَّ النؤيَ - وهو الحاجز من التراب الذي يقام حولَ الخِبَاءِ حتى لا يدخله الماء (٢) - إذا درست معالمُه يُوصفُ بالخُشوعِ. قال الأزهري: «وجدارٌ خاشعٌ إذا تدَاعى واستوى مع الأرض». (٣) فكذلك المؤمن الخاشع في صلاته وُصِفَ بذلك لأنه يرمي ببصره إلى الأرض وتسكن جوارحه، قال الليثُ (٤): «خَشَعَ الرجلُ يَخشَعُ خُشُوعًا إذا رَمَى ببصره إلى الأرض». (٥) وهو قريب المعنى من الخضوع (٦)، إلا أنَّ الخضوعَ في البدن، والخشوع في البدن والصوت والبصر. (٧)
٤ - وقد يستعين المفسر بالشعر ليتعرف على عُرفِ العَربِ في استعمال لفظةٍ وردت في القرآن الكريم، لتحديد مدلولها الدقيق في الاستعمال القرآني، نظرًا لعمومية تفسير المفسرين للفظة في القرآن. وهذا منهج يتخذه بعض المفسرين عند البحث في معاني بعض المفردات التي كان تعبير المفسرين عن معناها غير دقيق. وأكتفي بمثالٍ في تفسير ابن عطية.
ذكر ابن عطية عند تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ
_________
(١) انظر: ديوانه ٣٠.
(٢) انظر: شرح القصائد السبع الطوال ٢٤٣، المذكر والمؤنث لابن الأنباري ١/ ٢٢٥، شرح القصائد المشهورات لابن النحاس ١٠١، المخصص ١٦/ ١٨٥، شرح القصائد العشر ١٠٢.
(٣) تهذيب اللغة ١/ ١٥٢، لسان العرب ٤/ ١٠٠ (خشع).
(٤) هو الليث بن المظفر اللغوي، من علماء اللغة المتقدمين، نسب له الأزهريُّ وغيره وضعَ كتاب العين المنسوب للخليل بن أحمد، انظر: تهذيب اللغة ١/ ٢٨، إنباه الرواة ٣/ ٤٢، معجم الأدباء ١٧/ ٤٣.
(٥) تهذيب اللغة ١/ ١٥٢.
(٦) انظر: مقاييس اللغة ٢/ ١٨٢.
(٧) انظر: تهذيب اللغة ١/ ١٥٢، لسان العرب ٤/ ١٠٠ (خشع).


الصفحة التالية
Icon