والشاهد في البيت جر «محلوج» للمجاورة، أي لمجاورة الاسم المجرور، والأصل أن ينصب «محلوجًا» لأنه نعت اسم منصوب. وهو قوله: «قطنًا». وهو من شواهد النحويين على جواز الحمل على الجوار (١).
ومن الأمثلة كذلك ما أورده الطبري شاهدًا على جواز تقديم معمول أسماء الأفعال عليها، حيث قال: «والعرب تفعل ذلك إذا أخرت الإغراء، وقدمت المغرى به، وإن كانت قد تنصب به وهو مؤخر، ومن ذلك قول الشاعر:
فأغرى بـ «دونك» وهي مؤخرة، وإنما معناه: دونك دلوي» (٣). وهذا الشاهد من شواهد النحويين المشهورة على أن مفعول اسم الفعل يجوز أن يتقدم عليه؛ إذ الظاهر أن «دلوي» مفعول مقدم لقوله «دونكا» (٤). وقد رد هذا الوجه بعض النحويين (٥)، والغرض التمثيل.يا أَيُّها المَائِحُ دَلْوِي دُونَكا إِنِّي رَأَيتُ النَّاسَ يَحْمدُونَكا (٢)
ومن المواضع التي يستشهد فيها المفسرون بالشواهد الشعرية النحوية كثيرًا عند توجيه القراءات من حيث النحو، فيستعينون في ذلك بالشاهد الشعري.
_________
(١) انظر: أسرار العربية ٣٣٨، الإنصاف للأنباري ٤٨٤، تذكرة النحاة ٦١٠، خزانة الأدب ٥/ ٩١.
(٢) الشاهد لراجز جاهلي من بني أسيد بن عمرو بن تميم كما في شرح شذور الذهب ٣٨١.
(٣) انظر: تفسير الطبري (شاكر) ١/ ١٢٠، معاني القرآن للفراء ١/ ٢٦٠، ٣٢٣.
(٤) انظر: أسرار العربية ١٦٥، خزانة الأدب ٦/ ٢٠٠.
(٥) ردَّ هذا الوجه ابن الأنباري في أسرار العربية ١٦٥، ورده محمد محي الدين عبدالحميد بقوله: «بل الاسم المنصوب المتقدم ليس معمولًا لاسم الفعل المتأخر، بل ولا هو معمول لاسم فعل آخر محذوف يفسره المذكور ويقع في التقدير قبل المعمول؛ لأن اسم الفعل لا يعمل وهو محذوف أيضًا، ولكن هذا الاسم المنصوب معمول لفعل محذوف من معنى اسم الفعل». شرح شذور الذهب ٣٨١.