الشاهد بقوله: «يُريد: إذا ما تَتابعَ القُبَلُ، فأدغمَ إحدى التاءينِ في الأخرى، فلمَّا أدغمت التاءُ في الدالِ فجُعِلتْ دالًا مثلَها، سَكَنَتْ، فَجلَبوا أَلِفًا لِيَصِلوا إلى الكلام بِها، وذلكَ إِذ كانَ قبلَهُ شيءٌ؛ لأنَّ الإدغامَ لا يكون إِلاَّ وقبلَهُ شيءٌ» (١).
وذكر السَّمينُ الحلبيُّ أَنَّ «هذا مُطَّرِدٌ في كل فِعْلٍ على تَفاعَلَ أو تَفَعَّلَ، فَاؤهُ دالٌ نحو: تَدَايَنَ وادَّايَنَ، وتَدَيَّنَ وادَّيَّنَ، أو ظاء أو طاء، أو ضاد أو صاد، نحو: تَطَايَرَ واطَّايَر، وتَطَيَّرَ واطَّيَّرَ، وتَظَاهَرَ واظَّاهَر، وتَطَهَّرَ واطَّهَّرَ. والمصدرُ على التَّفَاعُلِ أو التَّفَعُّلِ نحو: تَدَارُؤ وتطهُّر نَظرًا إلى الأصلِ، وهذا أَصلٌ نافعٌ في جَميعِ الأبوابِ فليُتأَمَّل» (٢).
فالفراء والطبري قد تواردا على الاستشهاد بالشاهد الشعري السابق على مسألة صوتية وهي الإدغام في لفظتين من آيتين مُختلفتين من القرآن الكريم، غير أَنَّ وجهَ الاستشهادِ واحدٌ، ولم يستشهد السمين الحلبي بالشاهد الشعري مع عنايته بمسائل الصرف في كتابه.
٥ - الشواهد البلاغية.
وهي كل ما استشهد به المفسرون من الشعر لتوضيح وبيان مسألة بلاغية. وشواهد البلاغة لا تُعَدُّ شواهدَ بالمعنى الاصطلاحي الدقيق (٣)، فكثير منها قد ورد من باب التمثيل للقواعد التي وضعها البلاغيون. وقد بدأ أبو عبيدة في «مجاز القرآن» بوضع اللبنات الأولى لعلم البلاغة بمباحثه المعروفة، وشاركه بعد ذلك الفراء في «معاني القرآن»، وقد
_________
(١) تفسير الطبري (شاكر) ٢/ ٢٢٤، ١٤/ ٢٥٢، ومجاز القرآن ١/ ٢٦٠. وانظر: معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٠٤، المحرر الوجيز ١١/ ٤٥.
(٢) الدر المصون ١/ ٤٣٤ - ٤٣٥، ٦/ ٤٩، معجم مفردات الإبدال والإعلال في القرآن الكريم للخراط ٣٤٣.
(٣) انظر: مقدمة شواهد العربية لعبدالسلام هارون ١٢.


الصفحة التالية
Icon