كيف تَنضَبِط إذا نزَلَتْ إلى الأرض بسبب الهَواء في مُؤخَّرها عند (الشُّكمان) فيها حديدة تَنعَكِس حتى تَرُدَّ الهواء؛ حتى لا تَندَفِع الطائِرة.
وقوله تعالى: ﴿غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ﴾ هل هي في سُرْعة الطائِرة؟
الجوابُ: لا هي أقَلُّ من الطائِرة؛ لأنَّ الطائِرة تَذهَب مَسيرةَ شَهْر بأَقَلَّ من الغُدُوِّ، ولكنها أسرَعُ من السيَّارة بلا شَكٍّ، يَبقَى علينا هذا المُرور السَّريع عادةً إذا لم يَكُن هناك حِجاب يَمنَع من عَصْفِ الهَواء؛ أن الهَواء يَعصِف بالراكِب حتى يَسقُط؟ لأنها دونَ الطائِرة وفوقَ السيَّارة في سُرْعتها، وبعض السيَّارات يَعصِف الهَواء فيها بالإنسان ويُقلِقه، لكنَّ الله تعالى بيَّن في آياتٍ أُخرى أن هذه الرِّيحَ تَكون رُخاءً ما فيها إِزْعاج ولا فيها قلَقٌ.
قال الله تعالى أيضًا ممَّا مَن الله تعالى به على سُلَيْمانَ عَلَيْهِ السَّلام: ﴿وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ﴾ أي: أَذَبْنا له ﴿عَيْنَ الْقِطْرِ﴾ أيِ: النُّحاس، هذا أيضًا قد يَكون أبلَغَ ممَّا أُوتيَه داوُدُ عليه السَّلام؛ لأنَّ داود عَلَيْهِ السَّلَامُ قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾، أمَّا هذا فأَسَالَ الله تعالى له عَيْن القِطْر؛ يَعنِي: فجَّر له عَيْنًا من النُّحاس تَسيل كما يَسيل الماء مع إنها نُحاس، وهذا دليل على كَمال قُدرةِ الله؛ لأنَّ المَعروف أن النُّحاس مَعدِنٌ جامِد فجعَلَه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لسُلَيْمانَ عَلَيْهِ السَّلام عَيْنًا سائِلة كأنها الماء؛ ولهذا قال تعالى: ﴿وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ﴾.
وقوله: ﴿عَيْنَ الْقِطْرِ﴾ يَدفَع ما قيل: إنَّ سُلَيْمانَ عَلَيْهِ السَّلام كان يُذيب النُّحاسَ فيَسيل، كما أن الرَّصاص إذا أَذَبْناه يَصير سائِلًا، كالزِّئْبَق.
فنَقول: لا، بل إن الله تعالى يَقول: ﴿وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ﴾ فجعَل هذا عَيْنًا يَندَفِع من الأسفَلِ وَيسيل، ونحن نَعلَم أنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خالِقُ الأشياءِ جامِدِها