وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف: ٣١]، لا يَمنَع من دُخولهم الجَنَّة، لأنه لم يَقُلْ: ويُدخِلْكم الجَنَّة. وليس فيها دليلٌ على أنَّ دُخولهم الجَنَّة مَمنوع؛ لأن مَن أُجير من العذاب الأليم فليس هناك في دار الآخِرة إلَّا دارانِ؛ إمَّا نار وإمَّا جَنَّة، وعندنا آيات كثيرةٌ تَدُلُّ على أنَّ مَنْ آمَن وعَمِل صالِحًا فله جَنَّاتُ الَمأْوى.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: أنَّ الله تعالى قد يُسخِّر بعض الأُمور الكَوْنية لبعض عِباده آيةً له؛ لأن الريح لا أحَدَ يَستَطيع أن يُصرِّفها كما يَشاءُ، وسُلَيْمانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سُخِّرَت له تَجرِي بأَمْره، فيُستَفاد من هذا أن الله تعالى قد يُسخِّر بعض الأُمور الكونية آيةً لبَعض عِباده كهذا، وهل يُمكِن أن يَأتيَ مِثْلُ ذلك لغير الرُّسُلِ؟
الجوابُ: الظاهِر أنه لا يُمكِن، وما ذُكِر عن بعض الخُلَفاء أنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سخَّر له الريح يَأمُرها كما يَشاءُ وتَنقُل جُنْده فإن هذا في صِحَّتِه نظَرٌ، والظاهِر أنَّ مِثْلَ آياتِ الأنبياء عَلَيْهِ السَّلَامُ لا تَكون كَرامةً للأَوْلياء، صحيح أن بعض آيات الأنبياء عَلَيْهِ السَّلَامُ تَكون كرامةً لبعض لأَوْلياء، أمَّا الآياتُ الكبيرة كهذه فالظاهِرُ -والله أَعلَمُ- أنها لا تَكون.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ للريح سُرْعةً عظيمةً، كما قال تعالى: ﴿غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إثبات وُجود الجِنِّ، وهذا ثابِت بالكِتاب والسُّنَّة وإِجْماع المُسلِمين؛ ولهذا مَنْ أَنكَر وُجود الجِنِّ فقَدْ كذَّب القُرآن ويُحكَم بكُفْره.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ الجِنَّ يَعمَلون للإِنْس؛ لقوله تعالى: {وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ


الصفحة التالية
Icon