الذي يُتْلِف كلَّ ما مَرَّ عليه، والمعنى: أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَرسَل عليهم سَيْلًا عظيمًا، وذلك بفَساد السَّدِّ الذي جعَلوه بين هذا الجِبالِ.
وكان هذا السدُّ المَنيعُ تَجتَمِع فيه السُّيول وتَمَتَصُّها الأرض وتَخرُج في العُيون، فلمَّا تَصدَّع هذا السدُّ جرَتِ المِياهُ بغير تقدير، وذلك بقُدرةِ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَت فقال تعالى: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ﴾.
وَيقول: ﴿وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ﴾ الجَنَّتان السابِقتان كُلُّها ثِمار طَيِّب يُؤكَل ويُنتَفَع به بالبيع والشراء وغيرِ ذلك، أمَّا البَدَل فيَقول سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ﴾.
وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: ﴿ذَوَاتَيْ﴾ [تَثْنِيَةُ ذَوَاتٍ، مُفْرَدٍ عَلَى الْأَصْلِ]، وهو في الأصل (ذات) المُفرَد، و (ذوات) للجَمْع، فثَنَّى الجَمْع وصارَت ﴿ذَوَاتَيْ أُكُلٍ﴾ ويُمكِن أن يُقال خِلافُ كلام المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ؛ فيُقال: إن الأصل (ذات)، لكن لمَّا ثُنِّيَ عادت الواوُ فصارت (ذَواتَيْ)، ومَعنَى (ذَواتَيْ) أي: صاحِبَتَيْ؛ لأنَّ (ذات) بمَعنَى: صاحِبة، قال الله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (١)﴾ [البروج: ١]، أي: صاحِبة البُروج.
وقوله تعالى: ﴿جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ﴾ قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [مُرٌّ بَشِعٌ بِإِضَافَةِ أُكُلٍ بِمَعْنَى: مَأْكولٍ وَتَرْكِهَا، وَيُعْطَفُ عَلَيْهِ] ﴿وَأَثْلٍ﴾؛ يَعنِي أن فيها قِراءَتَيْن: ﴿ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ﴾ هذِي الإِضافةُ، وتَرْكُها: ﴿ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ﴾ أمَّا الإضافة واضِح، ﴿ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ﴾ يَعنِي أنها الأُكُل يُخمَط خَمطًا، وهو شَجَر الأراك؛ كما فسَّرَه بذلك ابنُ عباس (١) - رضي الله عنهما -، والأَراك هي مَساوِيك لها أَوراقٌ بَسيطة جِدًّا، وليست بذات اللذيذة؛ ولهذا يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [مُرًّ بَشِعٍ] بدَل الفَواكه والخُضَر