والزروع وغيرها، وَيقول: ﴿أُكُلٍ﴾ بمَعنَى: مَأكول، يَعني: ذواتَيْ مَأكولٍ يُخمَطُ خَمطًا ﴿وَأَثْلٍ﴾ بدَل الأشجار المُثمِرة البَهيجة صار بدَلها أَثْل، والأَثْل بعضهم قال: هو الطَّرْفاء، والصحيح أنه غير الطَّرْفاء؛ لأن الطَّرْفا تَكون صغيرة ما تَكبُر والأَثْل معروف.
قوله تعالى: ﴿وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ﴾ هنا قال: شيءٍ من سِدْر. وهُناك قال: ﴿خَمْطٍ وَأَثْلٍ﴾؛ لأن السَّدْر أَحسَنُ هذه الأنواعِ الثلاثة، ولم يُعطَوْا منه إلَّا الشيءَ القليلَ شيء مِن سِدْر، وأيضًا قليل مع أنَّ كلِمة: ﴿وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ﴾ تَدُلُّ على القِلَّة، لكنها أُكِّدت هذه القِلَّةُ بقوله تعالى: ﴿قَلِيلٍ﴾.
الخُلاصةُ: أنَّ هؤلاء لمَّا أَعرَضوا ولم يَقوموا بشُكْر الله أَرسَل الله عليهمُ السَّيْل، فأَغرَق أموالهم وهدَّم بِناءَهم، وأَبدَلهم بهاتَيْنِ الجَنَّتَينِ جَنَّتَينِ لا يُساوِيان ولا يُقارِبان ما سبَقَ، ذواتَيْ أُكُل ليس بالكثير خَمْطٍ، والمُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ قال: إنَّه [مُرٌّ بَشِعٌ] ﴿وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ﴾ بدَل تِلكَ الجَنَّاتِ العَظيمة المُفيدة النافِعة.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: بَيان حال هَؤلاء القَوْمِ أنهم بدَّلوا نِعْمة الله تعالى كُفْرًا، وكان عليهم لمَّا أَنعَم الله تعالى عليهم بهذه النِّعَمِ أن يَشكُروا وَيقوموا بطاعة الله تعالى، لكنهم أَعرَضوا.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: عُقوبة المُعرِضين بما تَقضية حِكْمةُ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وقد قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في آية أُخْرى: ﴿فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ﴾ [العنكبوت: ٤٠]، فالعُقوبات دائِمًا تَكون من جِنْس العمَل، فهؤلاءِ لمَّا بَطِروا نِعْمة الله تعالى وكفَروا به؛ بسَبَب هذه الجَنَّاتِ أُبدِلوا بجَنَّات سَيِّئة بالنَّسبة لا نُعِّموا به من قَبلُ.


الصفحة التالية
Icon