لا يَحتَمِل إلَّا مَعنًى واحِدًا فإنَّه يَجِب أن يُحمَل على ما قام الدليلُ عليه.
وقال بعض أهل العِلْم رَحِمَهُم اللهُ: حتَّى إذا فزع عن قُلوبِهم عند الموت، ليس يومَ القِيامة (عِنْد الشَّفاعة)، ولكن إذا فزع عن قُلوبهم (عِند الموت)، ولكن هذا ضعيف وإن كان قد يَرِد فيُفزَّع عن القَلْب عند المَوْت وَيعتَرِف بالحقِّ، فإنَّ فرعونَ حين غرِق ماذا قال؟ حتَّى إِذا أَدرَكه الغرَقُ قال: ﴿آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [يونس: ٩٠]، وقال الله تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ﴾ [غافر: ٨٤]، لكن هذا المَعنى ضَعيف، فالآيةُ دائِرة بين ما قاله المُفَسر -رَحِمَهُ اللهُ- وما ثبَت به الحديث الصَّحيح، وهي دالَّةٌ قَطْعًا على ما جاء به الحديثُ الصَّحيحُ، وما ذكَرَه المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ- فهو محُتَمِل ولا تَأباه الآيةُ.
وقوله تعالى: ﴿الْحَقَّ﴾ وأمَّا إعرابُها صِفةً لمَصدَر مَحذوفٍ؛ أي قال: [الْقَوْلَ ﴿الْحَقَّ﴾] ولا يَصلُح أن تكون مَفعولًا لـ (قَالُوا)؛ لأنَّ القول لا يَنصِب إلَّا جُمْلة أو مَا بمَعنى الجمْلة، كقوله تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ﴾ [مريم: ٣٠] أين مَقول القولِ؟ ﴿إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ﴾ جُمْلة، أو بمَعنى الجملة؛ كقولِكَ: قُلتُ قصيدةً، أو قُلْتُ كلِمةً. هذه بمَعنَى الجُمْلة؛ لأنَّ الكلِمة والقَصيدة والشعْر لا يَكون إلَّا جُمْلة.
فإن قلتَ: ما تَقول في قوله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: ﴿وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا﴾ [النحل: ٣٠]؟
فالجوابُ: هذه ليست مَفعولًا لـ (قالوا)، لكنَّها مَفعول لفِعْلٍ محَذوف؛ والتقديرُ: (أَنزَل خَيْرًا).
وقول المُفَسر -رَحِمَهُ اللهُ-: [وَهُوَ الْعَليُّ فَوْقَ خَلْقِهِ بِالْقَهْرِ]، وهذا فيه إمَّا تَقصير


الصفحة التالية
Icon