وإمَّا قُصور؛ لأنَّ عُلُوَّ الله -عَزَّ وَجَلَّ- ليس بالقَهْر، بل عُلُوُّه ثلاثةُ أقسام: عُلُوُّ القَهْر، وعُلُوُّ القَدْر، وعُلُوُّ الذّات، لكنَّ المُفَسِّر -عفا الله تعالى عنَّا وعنه- كأنَّه لا يَرَى عُلُوَّ الذّات، والمُنكِرون لعُلُو الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يَنقَسِمون إلى قِسْمين: حُلوليَّة، ومُعطلة تَعطيلًا مَحْضًا.
فالحلولية يَقولون: إنَّه يَجِب عليك أن تُؤمِن بأنَّ الله تعالى في كل مكانٍ بذاته، وتُنكِرَ عُلُوَّه، إن كنتَ في المَسجِد أو كنتَ في السُّوق، أو كنتَ في البَرِّ أو كنتَ في البَحْر، فالله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بذاته في ذلك المكانِ، وإن كنتَ في الحُشِّ فهو في الحُش! ! والحشُّ هو: مَكان التَّخلي، يَعني -والعِياذُ بالله تعالى- ما نَزَّهوا الله تعالى عن الأنتان والأَقْذار -نَسأَل الله تعالى العافيةَ- ولا شَكَّ أنَّ هذا كُفْر محَض ولا يَشُكُّ أحَد في كُفْر مَنِ اعتَقَد هذه العَقيدةَ.
والطائِفة الثَّانية المُنكِرة للعُلُو يَقولون: إنَّه لا يَجوز أن نَقول: إنَّ الله تعالى فوقَ العالَم ولا تَحتَه ولا يمينَ ولا شِمالَ ولا أمامَ ولا خلْفَ، ولا مُتَّصِل ولا مُنَفصِل، وهذا تَعطيل مَحْض، يَعنِي: لو قيل لك صِفْ لنا المَعدوم؟ ما وَجَدْتَ أَشدَّ إِحاطةً بالمعدوم من هذا الوَصْفِ، الذي ليس فوقَ العالَم ولا تَحتَه ولا يَمينَه ولا شِمالَه ولا خَلْف ولا أَمامَ، ولا مُتَصِل ولا مُنفَصِل، هذا ليس بمَوجود قَطْعًا.
أمَّا الرسُل وأَتباعُهم فيُؤمِنون بأن الله بِذاته فوقَ كل شيء، وهذا هو الذي دلَّ عليه العَقْلُ والفِطْرة والإِجْماع والكِتاب والسُّنَّة.
ولْنَسْتَعرِض لهذا الأَمْرِ، وإن كان -الحمدُ لله- ظاهِراً.
فظاهِر الكِتاب دلَّ على أن الله تعالى بذاته فوقَ عَرْشه؛ من وجوه مُتنوِّعة: فتارَةً بذِكْر العُلُوِّ مِثْلَ: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ [الشورى: ٤]، وتارةً بذِكْر الفَوْقية مِثْلَ: