والمطَر يَنزل مِن سماءٍ واحدةٍ، مِن العُلو؛ ويُراد بالسَّموات أحيانًا جهةَ السمواتِ كما في قولِه تعالَى: ﴿وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا﴾ في السَّمواتِ، معَ أنَّه في العُلو مِن جِهة الغَرب.
وقوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ الخِطاب في قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: ﴿قُلْ﴾ للرسول - ﷺ -، والمُخاطَب في قوله: ﴿مَنْ يَرْزُقُكُمْ﴾ المُشرِكون الكُفَّار فبماذا يُجيبون؟ أَحيانًا يُجيبون بالصواب كما في قوله تعالى في سورة يُونُسَ: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ [يونس: ٣١] هذا جوابٌ صحيح، وأَحيانًا لا يُجيبون يَتَلعْثَمون أو يَأبَوْن أن يَتكلَّموا عِنادًا وخوفًا من الإِلْزام؛ لأنهم إذا قالوا: الله. أُلزِموا بألَّا يَعبُدوا إلَّا الله تعالى؛ كيف تَعبُدون مَن لا يَرزُق؟ !
فهُمْ أحيانًا يُجيبون بالصَّواب وَيقولون: الله. ثُمَّ يُكابِرون ويُعانِدون وَيقولون: (إِنَّما نَعبُدهم شُفعاءَ لنا عِند الله تعالى؛ ليُقرِّبونا إلى الله تعالى زُلْفَى)؛ أي: ما نَعبُدهم لِذَواتهم، وأَحيانًا يَأبَوْن الجوابَ يَتَلعْثَمون، لأنَّ الحقَّ ثَقيل عليهم.
فإذا لم يَقولوا شيئًا فقُلِ: الله؛ ولهذا قال: ﴿قُلِ اللَّهُ﴾ هو الذي يَرزُقكم من السَّمَوات والأرض. فإن أَبَوْا بأن قالوا: لا، هو غَيرُه. ولكن لا يَملِكون أن يَقولوا: هو غيرُه. فقُلْ: مَن؟ أَعِدْ عليهم السؤال مرَّةً ثانِيةً.
قال الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: ﴿قُلِ اللَّهُ﴾ قال المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ-: [إِنْ لَمْ يَقُولُوهُ] يَعنِي: إن لم يَقولوا: الله، فأنت قُلْ هذا وأَعلِن هذا، [لا جوابَ غيره]، يَعنِي: لا يُمكِن أن يُجيب أحَد بغير هذا الجوابِ، وإن أَجاب فقُلْ له: أين ذلك؟ وكيف يَكون؟