من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: فيها دليل على أن محُمَّدًا - ﷺ - عَبْد مَأْمور لا رَبّ آمِر؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: عُموم رِسالة النبيِّ - ﷺ - على رَأْيِ المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ- ﴿إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾ فهو كَقَوْله - ﷺ -: "وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً" (١)، أو لقوله تعالى: ﴿لِلنَّاسِ﴾؛ لأنَّ (النَّاس) هُنا تُفيد العُموم؛ لأنَّ فيها رَأيا آخَرَ يَقول: (كافَّة) بمَعنَى: (كَاف)؛ يَعنِي: إلَّا تكفُّ النَّاس عن الشِّرْك والعِصيان، أو إلَّا كافَّة للنَّاس، أي: جامِعًا لهم على التَّوْحيد والإِخْلاص، وعلى هذا فتكون حالًا من الكافِ في قوله تعالى: ﴿أَرْسَلْنَاكَ﴾ والتاء فيها على هذا المَعنَى للمُبالَغة، كقوله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾ [النحل: ١٢٠] أي: إمامًا، وكما يُقال: هذا عَلَّامة، أي: علَّام، لكن تكون التاء للمُبالَغة، فصار عِندنا في (كافَّة) قَوْلان: أن تكون حالًا من النَّاس مُقدَّمة عليها، وأن تكون حالًا من الكاف في قوله تعالى: ﴿أَرْسَلْنَاكَ﴾، وعلى هذا الوَجْهِ تكون ﴿كَافَّةً﴾ بمَعنَى: (كافّ) أي: جامع، أو (كافّ) أي: مانِع تكفُّ النَّاس، ونَستَفيد العُموم من قوله تعالى: ﴿لِلنَّاسِ﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ رسالة النبيِّ - ﷺ - تَتَضمَّن شَيْئَيْن: هُما البِشارة والإنذار، البِشارة للطائِع بالثواب، والإنذار للعاصِي بالعُقوبة.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: الإشارة إلى الحِكْمة من إرسال الرُّسُل، وهي التَّبشير والتَّنذير؛

(١) أخرجه البُخاريّ: كتاب الصَّلاة، باب قول النَّبيّ - صَلَّى الله عليه وسلم-: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا"، رقم (٤٣٨)، ومسلم: كتاب المساجد، باب جعلت لي الأرض مسجداً وطهورا، رقم (٥٢١)، من حديث جابر - رضي الله عنه -.


الصفحة التالية
Icon