من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: أن هَؤلاءِ الرُّؤَساءَ كانوا يَدْعون -بَلْ يَأمُرون- هؤلاءِ الضُّعَفاءَ ليلًا ونَهارًا؛ لقولهم: ﴿بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن هَؤلاءِ المَتبوعين يَتوصَّلون إلى أَتباعهم بالمَكْر والخِداع حيث قالوا: ﴿بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ فهُمْ يَمكُرون بهم، حيث يُوحِي بعضُهم إلى بعض زُخرَف القول غُرورًا، وإلَّا فهم يَعلَمون أنهم بمُخالَفتهم للرُّسُل على باطِل.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن الشِّرْك كُفْر؛ لقولهم: ﴿أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا﴾، وليس كُلُّ كُفْر شِرْكًا، فكُلُّ شِرْك كُفْرٌ، وليس كُلُّ كُفْر شِركًا.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن هؤلاءِ الرُّؤَساءَ قد فرَضوا سَيْطَرتهم وسُلطانَهم على هؤلاء الأَتْباع فَرْضًا لا محَيدَ لهم عنه؛ لقولهم: ﴿إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ﴾، فهُمْ عندما يَدْعونهم لا يَقولون مثَلًا: إن الكُفْر حسَنٌ، وإن اتِّخاذ الشُّرَكاء حَسَن. وما أَشبَه ذلك، بل يَقولون: اكْفُروا! لأن الأَمْر كما تَقدَّم هو طلَبُ الفِعْل على وجهِ الاستِعْلاء.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: تَحريم النِّدِّ لله عَزَّ وَجَلَّ، أَيْ: تَحريم جَعْل النِّدِّ لله؛ لأن قولهَم: ﴿إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا﴾ يُعتبر ذِكْرًا لأسباب العَذاب ولا شَكَّ فيه.
ولكن الشِّرْك -كما هو مَعلوم- أنواعٌ: شِرْك أكبَرُ مخُرِج عن المِلَّة، وشِرْك أصغَرُ لا يَخرُج، وشِرْك ظاهِر بَيِّن وشِرْك خَفِيٌّ لا يَبِين، ثُم الخَفاء والظُّهور قد يَكون باعتِبار ظُهوره للناس، وقد يَكون باعتِبار ظُهور كونه شِرْكًا، يَعنِي: يَخفَى على الناس أن هذا الرجُلَ مُشرِك؛ فالرِّياء مثَلًا يَخفَى على الناس؛ لأن محَلَّه القَلْب، وهو لا يَعلَم به إلَّا الله عَزَّ وَجَلَّ، والحلِف بغير الله ممَّنِ اعتاده هذا خَفيٌّ، لكن ليس من حيثُ ظُهوره