إِذَنْ: إذا دعا الولَد الصالِح لأبيه قرُب إلى الله عَزَّ وَجَلَّ وصار هذا الدُّعاءُ مُقربًا له.
قال عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ الإيمان يَكون في القَلْب، وهي العَقيدة و ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ يَكون في الجَوارِح، و ﴿صَالِحًا﴾ صِفة لمَصْدَر مَحذوف تَقديرُه: عمَلًا صالِحًا، كما بيَّن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذلك في سورة الفُرقان في قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ [الفرقان: ٧٠].
والعمَل الصالِح: هو ما كان خالِصًا لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، مُوافِقًا لشريعة الله عَزَّ وَجَلَّ، فالعمَل الذي فيه رِياء ليس بصالِح؛ لأنه لم يَكُن خالِصًا، والعمَل الخالِص المُبتَدَع ليس بصالِح؛ لأنه ليس مُوافِقًا لشريعة الله عَزَّ وَجَلَّ.
وقوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ﴾: (أُولئِك) المُشار إليه: مَن آمَن وعمِل صالِحًا، وجاء بلفظ الجمْع (أُولَئِك) مُراعاةً للمَعْنى، أمَّا اللَّفْظ فإنه يَقول: ﴿إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ فاللَّفْظ مُفرَد، ولكنه عاد إلى ﴿مَنْ﴾ بِاعتِبار المعنى، وقد سبَقَ مِرارًا وتَكرارًا أنه يَجوز في (مَن) و (مَا) وما أَشبَهَهما؛ يَجوز فيه مُراعاة المَعنى ومُراعاة اللَّفْظ، ففي مُراعاة المَعنى نَأتي بالإشارة أو بالضمير مَجموعة، وفي مُراعاة اللَّفْظ نَأتِي به مُفرَدًا.
وربما نَأتي مرَّةً بمُراعاة اللَّفْظ، ومرَّة بمُراعاة المَعنى، ومرَّة بمُراعاة اللَّفْظ في سياق واحِد؛ قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [الطلاق: ١١]، الضمائر هنا رُوعِيَ فيها: في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ رُوعِيَ فيها اللفظُ، وفي قوله