الآية (٣٨)
* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ﴾ [سبأ: ٣٨].
قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ﴾؛ لمَّا ذكَر جَزاء المُؤمِنين ذَكَر جزاء غيرهم؛ لأنَّ القُرآن مَثانٍ، تُثنَّى فيه المَعاني فإذا ذُكِر الثواب ذُكِر العِقاب، وإذا ذُكِر المُؤمِن ذُكِر الكافِر، وذلك لئَلَّا تَسْأَم النفس إذا بَقِيت في مَوْضوعٍ واحِد؛ ولأجل أن يَكون الإنسان عند تِلاوة القُرآن دائِرًا بين الخَوْف والرَّجاء، ومعلومٌ لنا جميعًا أن المَوْضوع إذا كان واحِدًا فإن النَّفْس تَمَلُّه وتَسْأَم منه، فإذا نُوِّع صار في ذلك تَنشيط لها.
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا﴾ قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [الْقُرْآنِ بِالْإِبْطَالِ] يَسعَوْن: السعيُ يُطلَق على مجُرَّد الحرَكة، ويُطلَق على الرَّكْض بشِدَّة، ففي قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: ٩]، المُراد بذلك مُطلَق الحرَكة، وليس المُراد أن تَركُض، وإذا قُلت: يَسعَى في الطواف، يَسعَى بين الصَّفا والمَرْوة، يَسعَى بين العَلَمَيْن.
فالمُراد بذلك الرَّكضُ، هنا ﴿يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا﴾ يُحتَمَل أن يَكون المُرادُ بذلك مُطلَقَ الحرَكة، ويُحتَمَل أن يُراد به الحرَكة بشِدَّة، وهذا الأخيرُ أبلَغُ؛ لأنَّ هؤلاءِ