أو أكثَرَ للبركة التي يُحِلُّها الله عَزَّ وَجَلَّ؛ ولهذا جاء في الحديثِ الصحيحِ: "مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ" (١)، يَعنِي أن الصدَقة لا تَنقُص المال، ولكنها تَزيده كما قال الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال الله تعالى: ﴿وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ و ﴿خَيْرُ﴾ أَصلُها: أَخيَرُ؛ لأنها اسْمُ تَفضيل؛ لكنها حُذِفت الهَمْزة تَخفيفًا؛ لكَثْرة استِعْمالها، ﴿الرَّازِقِينَ﴾ المُعطِين، وكيف نَقول: "خيرُ الرازِقين" مع أن الذي يَبسُط الرِّزْق ويُعْطي الرِّزْق هو الله تعالى؟
نَقول: لأن غيرَ الله تعالى يَرزُق؛ لكنه رِزْق مَحدود، يُقال: رزَقَ عائِلَته؛ قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [النساء: ٨].
فإِذَنِ: الرِّزق يَكون من الله تعالى وَيكون مِن غيره، لكنه مِن الله تعالى شامِل عامٌّ، ومن غَيْره ناقِص خاصٌّ، فالإنسان يَكون كما قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ يَقول: إنه يُقال: كل إنسان يَرزُق عائِلته. يَعنِي: يُعطيها، لكن عَطاء الإنسان عائِلتَه أو رِزْق غير عائِلته من رِزْق الله عَزَّ وَجَلَّ، لولا أن الله تعالى أَعطاك ما أَعطَيْت غَيرَك، فيَعود المَعنَى إلى أن الرّزْق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: طلَب الإعلان؛ لأنَّ الأُمور كلُّها بيَدِ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى مِن بَسْطٍ وتَضييق؛ لقوله تعالى: ﴿قُلْ﴾ إذ إنَّه ليس المُراد أن تَقولها في نَفْسك، بل تَقولها في نَفْسك ولغَيْرك أيضًا.