الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ الأَرْزاق بيَدِ الله عَزَّ وَجَلَّ؛ لقوله تعالى: ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ﴾، وَيترَتَّب على هذا فائِدة، وهي أن نَطلُب الرِّزْق من الله تعالى؛ لأنه هو الذي يَبسُط الرِّزْق وَيقدِر.
ويتفرع على ذلك: ألا نَطلُب رِزْق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى بمَعاصيه؛ لأن طلَب رِزْق الله بمَعاصيه مُنافٍ للأَدَب، كيف تَطلُب الرِّزْق مِمَّنْ بيَده الرِّزْق بمَعصيته؛ ولهذا حذَّر النبيُّ - ﷺ - من ذلك فقال: "إِنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتكْمِلَ رِزْقَهَا وَأَجَلَهَا، فَاتَّقُوا الله وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ" (١)، يَعنِي: اطلُبوا الرِّزْق طلَبًا جميلاً، وهو ما وافَق الشَّرْع، وعلى هذا فطَلَب الرِّزْق بالغِشِّ والكَذِب والظُّلْم طلَبٌ غيرُ مَشروع، بل ويُنافِي الأَدَب مع الله عَزَّ وَجَلَّ.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: تمَام رُبوبية الله عَزَّ وَجَلَّ وسُلطانه؛ لكونه يَبسُط وَيقدِر، ولا أحَدَ يُمكِن أن يَعتَرِض عليه، وحتى لو اعتَرَض عليه فلا يَنفَع هذا الاعتِراضُ؛ لأنَّ الله تعالى مُدبِّر لما يَشاءُ.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: الحثُّ على الإِنْفاق؛ لقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ ووَجهُ ذلك: أن الإنسان إذا أَنفَقَ، فإن نَفْسه الأمَّارة بالسُّوء تَقول له: إذا أَنفَقْتَ من مالك نقَصْتَ منه، فلا تُنفِقْ. فتقول الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن الإِنْفاق وإن قلَّ فإنه مَخلوف، تُؤخَذ من قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿مِنْ شَيْءٍ﴾ فإنها بمِرة في سِياق الشَّرْط مُؤكَّدة بـ (مِن) الزائِدة، هذا إذا لم تَكُن (مِنْ)

(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٨/ ١٦٦ رقم ٧٦٩٤)، وأبو نعيم في الحلية (١٠/ ٢٦)، من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -.


الصفحة التالية
Icon