وقوله تعالى: ﴿كَانُوا يَعْبُدُونَ﴾ أي: في الدُّنيا يَقول الله تعالى ذلك تَوبيخًا وتَقريعًا لهؤلاء العابِدين الذين كانوا يَعبُدون الملائكة، والملائِكةُ تَقدَم لنا كثيرًا أنها جَمْع (ملَك)، وأَصْل (ملك: مَلْأَك)، وأَصْل (المَلْأَك) (مَأْلَك)، ففيها أُصول، لكنها بالاستِعْمال وصَلَتْ إلى هذه اللُّغة.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: أنه يَنبَغي تَذكيرُ الناس بيَوْم المَعاد، ووجهُ الدَّلالة: أنَّ ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ﴾ مُتعلِّق بمَحذوف تَقديرُه: (اذْكُرْ يومَ يُحشَرون)، وهذا يَشمَل تَذكير النَّفْس، بمَعنَى أنَّ نَفْسك إذا غفَلَت يَنبَغي أن تُذكِّرها يومَ الحشْر ويومَ الموت؛ لأنَّ قوله رَحِمَهُ اللهُ: [اذْكُرْ] المُقدَّر يَحتَمِل أنَّ المعنى اذكُرْ في نَفْسك هذا اليومَ، أو اذْكُرْ لغَيْرك هذا اليومَ.
وكِلاهما حقٌّ فيَنبَغي للإنسان أن يُذَكِّرَ نَفْسه مَآله، كُلَّما ركَنَت إلى الدنيا وأَرادَتِ الانغِماس فيها فلْيُذكِّرْها يوم النَّقْلة من هذه الدُّنيا، ويُذكِّرها قومًا انتَقَلوا من هذه الدُّنيا، وكانوا أَشَدَّ منه قوةً وأكثَرَ أموالًا وأولادًا، ثُم يُذكِّرها ما وراء ذلك من الحِساب والعِقاب، وهو اليوم المشهودُ الذي يُجمَع له الناس.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إثبات البَعْث؛ لقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ الحَشْر عامٌّ لكل أحَد حتى من أَكَلَتْه السِّباع وأَحْرَقَتْه النِّيرانُ، يُؤخَذ من قوله: ﴿جَمِيعًا﴾ وهو كذلك، فالَّذي أَكَلَتْه السِّباع أو أَحرَقَتْه النيرانُ لا بُدَّ أن يُحشَر يوم القيامة كما قال الله تعالى: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾ [الأنبياء: ١٠٤].