الشفاعة، لكن كأنه رَحِمَهُ اللهُ قيَّدها بالشفاعة؛ لقولهم: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣]، فادَّعَوْا أنَّ عِبادتهم إيَّاهم من أجل أَنْ تَشفَع لهم عند الله عَزَّ وَجَلَّ وتُقرِّبهم إليه.
قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا﴾ يَعنِي: نَفْعًا في عِبادتكم إيَّاهم بالشفاعة، والأصَحُّ: وبغيرها.
﴿وَلَا ضَرًّا﴾ بعدَم عِبادتكم إيَّاهم، أي: أنهم إذا لم تَعبُدوهم فإنهم لن يَضُرُّوكم، وكما أنهم لا يَملِكون في ذلك اليومِ لا نَفْعًا ولا ضَرًّا، فكذلك لا يَملِكون في الدُّنْيا نَفْعًا ولا ضَرًّا.
فإن قلت: إنَّه قد يَعبُد الإنسان غَيرَ الله تعالى، فيَدعوه لكَشْف ضُر فيَنكَشِف ذلك الضُّرُّ، فما الجوابُ عن هذه الآية وغيرِها؟
فالجوابُ: إن هذا الذي حصَل لم يَحصُل بالدعاء أو بالعِبادة ولكن حصَل عنده، فليس ذلك سببًا.
فإذا قُلْتَ: قولكَ: إنه حصَل عنده. هذه دَعوى تَحتاج إلى بُرهان، وإلَّا لكان الواجِبُ أن يُحال الأمر على الشيء أو على السبب الظاهِر، وهو دُعاء هذه الأصنامِ. فهذه الاعِتراض يَعنِي: أنك قد تَقول: إن هذا الشيءَ حصَل عند الدُّعاء لا بالدُّعاء. فيُقال لك: هذه دَعوَى مِنك، ما دامَ دعا هذا الصَّنَمَ أن يَشفِيَه فشُفِيَ، فالأصل إحالة الحُكْم على السبَب الظاهِر، وهو هذا الدعاءُ فدَعوَى أنه حصَل بغير هذا السبَبِ الظاهِر تَحتاج إلى دَليل!
فالجوابُ: أن لَدينا دليلًا على ذلك وهو قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَيَعْبُدُونَ


الصفحة التالية
Icon