مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: ١٨]، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ﴾ [الأحقاف: ٥].
فهاتان الآيتان وما أَشبَههُما كلُّها تَدُلُّ على أنَّ هذه الأصنامَ لا تَنفَع لا بجَلْب نَفْع ولا بدَفْع ضَرَر، فإن وُجِد شيءٌ حصَل بعد الدُّعاء فقد حصَل عنده لا به.
فإن قُلْتَ: كيف يَكون هذا الشيءُ؟ وما الحِكْمة من أن الله عَزَّ وَجَلَّ يَجعَل حدوث هذا النَّفْعِ أو اندِفاع هذا الضرَرِ عند دُعاء هذه الأَصنامِ؟
نَقول: فِتْنةً وامتِحانًا، فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد يَمتَحِن العبد بالشيء المُحرَّم يُصِرُّ عليه، أو يَبتليه بالشيء المُحرَّم يَمتَنِع منه، والله على كل شيءٍ قديرٌ.
وقوله تعالى: ﴿وَنَقُولُ﴾ مَعطوف على قوله تعالى: ﴿لَا يَمْلِكُ﴾ يَعنِي: واليَوْم نَقول للذين ظلَموا.
الظُّلْم في اللغة: النَّقْص هذا هو الأصل، ومنه قوله تعالى: ﴿كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا﴾ [الكهف: ٣٣] أي: لم تَنقُص.
وأمَّا في الاصطِلاح أو في الشَّرْع: فهو نَقْص ذَوِي الحَقَّ حَقَّهم؛ إمَّا بالمُماطَلة بالواجِب، وإمَّا بانتِهاك المُحرَّم، نَقْص ذَوِي الحقِّ حَقَّه، إمَّا بالمُماطَلة في الواجِب مثل قوله - ﷺ -: "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ) (١)، وإمَّا بالاعتِداء على حقِّه كقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ [الشورى: ٤٢].

(١) أخرجه البخاري: كتاب الحوالات، باب الحوالة وهل يرجع في الحوالة، رقم (٢٢٨٧)، ومسلم: كتاب المساقاة، باب تحريم مطل الغني وصحة الحوالة، رقم (١٥٦٤)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.


الصفحة التالية
Icon