والمَنافِع من آثار الرحمة، ودفعُ المَصائِب من آثار المَغفِرة؛ لأنَ المَغفِرة: مَحْوُ الذنْب الذي تَزول فيه المَكروهات، والرحمة: حُصول الخير.
والرحمة عند أهل السُّنَة والجماعة: صِفة من صِفات الله عَزَّ وَجَلَّ، حقيقة ثابِتةٌ له، وعند الأَشاعِرة يَقولون: الرحمة هي الإحسان أو إرادة الإِحْسان، فيُفسِّرونها بالشيء المَفعول لله سُبحَانَهُ وَتَعَالى؛ يَعنِي: بالنَعَم أو بإِرادة النِّعَم؛ لأنهم يُقِرُّون بصِفة الإرادة؛ فيُفسرون الرحمة بإرادة الاِنْعام والإحسان، أو بالإِنْعام والإحسان نَفْسه.
ولكِنَّ القَوْل الصوابَ المَقطوع به هو أنْ تُجرَى نُصوص الكِتاب والسُّنُّة فيما يَتعَلَّق بأسماء الله تعالى وصِفاته على ظاهِرها، فلا نَحتاج أن نَقول: (اللائِق بالله) إلا على سبيل الإيضاح فَقَطْ؛ لأننا نَعلَم عِلْم اليقين أنَ ظاهِرها لائِقٌ بالله تعالى، وليس ظاهِرُها كما يَقول أهل التعطيل: التشبيهُ! لأَنه لو كان ظاهِرُ نُصوص الكِتاب والسُّنَّة في أسماء الله تعالى وصِفاته التَّشبيهَ أو التَّمثيلَ لكان ظاهِرُ القُرآن والسُّنَّة في هذا البابِ هو الكُفْرَ؛ لأنَّ من شبَّهَ الله تعالى بخَلْقه فقد كفَرَ، حيث كذَّب قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، ومحالٌ أن يَكون ظاهِرُ الحَقِّ باطِلاً وكُفْرًا.
ولهذا إذا قُلْنا: إنَّ نُصوص الكِتاب والسُّنَّة في أسماء الله تعالى وصفاته تُجرَى على ظاهِرها اللائِق بالله تعالى؛ فهذا مِن باب الإيضاح، وإلا فإننا نَعلَم عِلْم اليَقين -الذي هو عندنا أَيقَنُ من الشمس-: أنَّ ظاهِرَها هو ما يَليق بالله تعالى، فلا حاجةَ إلى التَّقييد به، لكنَّنا قد نُقيّده على سبيل الإيضاح فَقَطْ.
و(الرَّحمة) هل هي صِفةُ كَمالِ من حيث هي؟ بقَطْع النَّظَر عن مَوصُوفها أو صِفةُ نَقْص؟