الفائِدةُ السَّابِعَةُ: أنَّ في الإيمان والعمَل الصالِح حُصول المَطلوب وزوال المَكروه؛ لقَوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ هذا زوال المكروهِ ﴿وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ هذا حُصول المَطلوب.
واعلَمْ أن الله تعالى إذا غفَر لكَ فتَحَ لك أبوابَ المَعرِفة وانشَرَح صدرُك بالإيمان؛ لأنَّ الذي يُوجِب ضِيق الصَّدْر وتَشتُّت الفِكْر هو المَعاصي، قال تعالى: ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ [المطففين: ١٣] ما يَعرِف قَدْر القُرآن إذا تَتْلو عليه القُرآن يَقول: أَساطيرُ الأَوَّلين. فلا يَعرِف قَدْره لماذا؟ ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: ١٤] لمَّا رانَ على قَلْبه عمَله صار -والعِياذُ بالله تعالى- لا يَرَى هذا القُرآنَ العظيمَ إلَّا أَساطيرَ الأَوَّلين.
ولهذا قال بعضُ العُلَماء رَحمهم اللَّهُ: يَنبَغي لمَن نَزَلَت به نازِلة وطلَب حُكْمها، سَواءٌ كانت هذه النازِلةُ نازِلةً خاصَّةً به أَمْ كان مَسؤُولًا عنها يَنبَغي له أن يَستَغفِر الله تعالى؛ واستَدَلَّ لذلك بقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: ١٠٥]، وبعدَه: ﴿وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ١٠٦] وهذا ليس ببَعيد.
إِذَن مِن فَوائِد الإيمان والعمَل الصالِح: حُصول المَطلوب والنَّجاة من المَرهوب.
الفائِدةُ الثَّامِنةُ: أنَّ رِزْق الجَنَّة رِزْق كريم، أي: واسِع كثير دائِم حسَن، وَيدُلُّ لذلك قوله عَز وَجلَّ: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: ١٧]، وقوله عزّ وَجلَّ: ﴿وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ﴾ [الواقعة: ٣٢].
* * *