للعِناية بهذا المُنَزَل إليه، والمُنزَل أيضًا.
وقوله تعالى: ﴿مِنْ رَبِّكَ﴾ تَقدَّم أنَّ مَعنَى الرُّبوبية هو الخَلْق والمِلْك والتَّدبير، فالله تعالى خالِق النبيِّ - ﷺ - ومالِكُه ومُدبِّرُه.
وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [أَيِ: الْقُرْآنَ ﴿هُوَ﴾ فَصْلٌ ﴿الْحَقَّ﴾] هذا هو المَفعول الثاني، و (هو) ضمير فَصْلٍ، لَفْظُه لفظُ الضمير لكنَّه ليس ضَميرًا؛ ولذلك لا نَقول: إنَّه اسمٌ، وأيضًا لا نَقول: له مَحَلٌّ من الإعراب، يَعنِي: لا مَحَلَّ له من الإعراب، وليس باسْمٍ، لكنه جِيء به للفَصْل.
والدَّليل على أنه لا مَحَلَّ له من الإعراب قولُه تعالى: ﴿لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ﴾ [الشعراء: ٤٠]، ولو كان له مَحَلٌّ من الإعراب لقال: (هم الغالِبون) فلَما قال: ﴿هُمُ الْغَالِبِينَ﴾؛ وصارَت ﴿الْغَالِبِينَ﴾ خبَرَ (كانَ)، دلَّ ذلك على أنَّ هذا الضميرَ ليس له مَحَلٌّ من الإعراب، لكن ما فائِدتُه؟
الجوابُ: ذكَرَ العُلَماءُ رَحمهم اللهُ أن له ثَلاثَ فَوائِدَ:
الفائِدةُ الأُوْلَى: الفَصْل بين الصِّفة والخبَر.
الفائِدةُ الثَّانِيَةُ: الحَصْر.
الفائِدةُ الثَّالِثَةُ: التوكيدُ.
أما وَجْه كَوْنِه فاصِلًا بين الصِّفة والخَبَر فلو قُلْت: "زيدٌ الفاضِلُ"؛ (الفاضِل): هنا يُحتَمَل أنها صِفةٌ لـ (زَيْدٌ)، وأنَّ الخبَر لم يَأتِ، فيَكون الإنسانُ الآنَ مُترَقِّب للخبَر، كأَنْ يَكونَ تَقديره: (زَيدٌ الفاضِلُ حاضرٌ)، وإذا قُلتَ: "زيد الفاضِلُ حاضرٌ"؛ صارت (الفاضِلُ) هنا صِفةً بلا شَكٍّ و (حاضِرٌ) خَبَرًا، فإذا قُلتَ: "زيد الفاضِلُ"


الصفحة التالية
Icon