وإعراب قوله تعالى ﴿أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾: اختَلَف فيه عُلَماءُ النَّحْو رَحَمَهُم اللهُ هو: أن النَّحْويِّين اختَلَفوا في إعراب الجُمْلة إذا كانت مُصدَّرةً بهَمزة الاستِفهام وبعدها حرفُ عَطْفٍ، فقيل: إنَّ الهَمْزة -يَعنِي: هَمزة الاستِفْهام- داخِلة على شيء مُقدَّر بحسب السِّياق، وقيل: إنَّ الهَمْزة داخِلةٌ على الجُمْلة المَوجودة بدون تَقدير، وأنَّ حَرْف العَطْف كان من حَقِّه أن يَتقَدَّم على الهَمزة؛ لكنها قُدِّمَتْ عليها لأنَّ لها الصَّدارةَ.
فعلى الوجهِ الأَوَّل يَكون التَّقديرُ في قوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ أَغَفَلوا أو أَأَعْرَضوا وما أَشبَهَ ذلك.
وأمَّا على الثاني فلا حاجةَ إلى هذا التَّقديرِ، بل نَقول: إن (الهمزة) للاستِفْهام والفاء حَرْف عَطْف وتَأخَّرت عن الهَمْزة؛ لأنَّ لها الصَّدارة.
والثاني أَحسَنُ؛ لأنَّ كوننا نَقول: إنَّ الهمزةَ داخِلة على هذه الجُملةِ نَفْسِها أَوْلى، وذلك لأنَّ القول الأوَّلَ قد يُعوِزك تَقديرَ المَحذوف -يَعنِي: بمَعنى أنه يَصعُب عليك أن تُقدّر المَحذوف-، أمَّا هذا فبِناءً على أن الجُملة هذه مَعطوفة على ما سبَق، لكن لا تَحتاج إلى تَقدير فلا تَتْعَب فيه.
وقوله تعالى: ﴿إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ﴾ الجُمْلة هنا شَرْطية، وفِعل الشَّرْط فيها وجوابُه مُضارع مجَزوم ﴿إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ﴾، وقوله: ﴿أَوْ نُسْقِطْ﴾ مَعطوفة على ﴿نَخْسِفْ﴾، أو إن نَشَأْ نُسقِطْ عليهم كِسَفًا، قال المُفَسِّر رَحِمَهُ الله: [بِسُكُونِ السِّينِ وَفَتْحِهَا: قِطْعَةٌ] يَعنِي: أن فيها قِراءَتَيْن سَبْعيّتَيْن: بسُكون السِّين (كِسْفًا) أو (كِسَفًا) بفَتْح السِّين، ويَجوز القِراءة بهما جميعًا.
وقد سبَقَ أن ذكَرْنا أن القِراءاتِ إذا تَعدَّدت فالأفضل أن يُقرَأ بهذا تارةً