أي: (لِسُلَيْمانَ تَسخيرُ الريح).
وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: (لِسُلَيْمانَ الريحُ) أن (الريحُ) مُبتَدَأ بدون تَقدير. لم يَكُن بعيدًا، وَيكون مَعنَى كونِ الريح له أنها مُسخَّرة له، فيَكون له التَّصرُّف فيها.
وقوله تعالى: ﴿غُدُوُّهَا شَهْرٌ﴾ أي: [مَسيرها من الغُدوَة، بمَعنَى: الصَّباح إلى الزوال شَهْرٌ]، و ﴿وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ﴾، [سَيْرها من الزوال إلى الغُروب شَهْر]؛ أي: مَسيرة شهر.
الريح سخَّرها الله تعالى له إذا سارَت به من الصباح إلى الزوال فهي مَسيرة شهر؛ بسَيْر الإِبِل، وعلى هذا فإنها تَكون سَريعة، رواحُها شَهْر فيَستَطيع أن يَذهَب إلى مكانٍ مَسيرتُه شَهْرٌ وَيرجع إلى بلَدِه في نفس اليوم؛ لأنَّ غُدُوَّها شَهْر ورَواحَها شَهْر، ومع ذلك فقَدْ وصَفَها الله تعالى بأنها عاصِفة، ولكنها غير مُؤثّرة: ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ﴾ [الأنبياء: ٨١]، وقوله: ﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ﴾ [ص: ٣٦]، فهي سريعة لكنها غير مُزعِجة، لكن كيف يَطير في الريح؟ قال العُلَماءُ رَحِمَهُم اللهُ: إنه يَضَع بساطًا عادِيًّا ويَجلِس هو وحاشِيَته عليه، ثُمَّ يَأمُر الريح فتَطير بهم؛ بهذا البساطِ، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى على كل شيء قديرٌ، والعادةُ أنه إذا كان الإنسان مع حاشِيَته على بساطٍ وَيرتَفِع أنه يَسقُط، هذه العادةُ، ولكن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى على كل شيء قديرٌ.
هل يُمكِن أن نَقول: إن قانون الطَّيَران بالطائِرات الحديثة مَبنِيٌّ على هذا؟
الجوابُ: نعَمْ قانون الطَّيَران مَبنِيٌّ على هذا، مَبنِيٌّ على الهَواء الذي تُولِّده هذه المُولِّداتُ، فهذه الطائِراتُ لا يَحمِلها إلاَّ الهواءُ، وهي حديد، وثَقيلة وعليها أُناس وعليها عَفْش، ونفس المَراوِحِ هذه والاندِفاع هذا فيه هواء شديد؛ ولذلك انظُرْ