وأخرج أيضا من طريق قتادة١ قال: ذكر لنا أن عمر انطلق ذات يوم إلى اليهود، فلما أبصروه رحبوا به. فقال لهم عمر: أما والله ما جئت لحبكم ولا لرغبة فيكم، ولكن جئت لأسمع منكم، فسألهم وسألوه، فقالوا: من صاحب صاحبكم؟ فقال لهم: جبريل، فقالوا: ذاك عدونا من أهل السماء، يطلع محمدا على سرنا، وإذا جاء جاء بالحرب والسنة٢، ولكن صاحب صاحبنا ميكائيل، وكان إذا جاء جاء بالخصب وبالسلم. فقال لهم عمر: أفتعرفون جبريل وتنكرون محمدا؟ ففارقهم وتوجه نحو النبي ﷺ ليحدثه، حديثهم فوجده قد أنزلت عليه ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ﴾ الآية.
ومن طريق السدي٣ قال: كانت لعمر أرض بأعلى المدينة، فكان ممره على طريق مدارس اليهود، فدخل فسمع منهم، فقالوا: يا عمر، ما في أصحاب محمد أحب إلينا منك، فإنك تمر بنا فلا تؤذينا فقال عمر: أي يمين أعظم فيكم؟ قالوا: الرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور سيناء، فقال لهم عمر: فأنشدكم بالرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور سيناء أتجدون محمدا عندكم، فذكر نحو حديث الشعبي بطوله.
ومن طريق هشيم٤ عن حصين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قالت اليهود للمسلمين: لو أن ميكائيل الذي ينزل عليكم اتبعناكم فإنه ينزل بالرحمة والغيث، وإن جبريل ينزل بالنقمة والعذاب، وهو لنا عدو فنزلت هذه الآية

١ "٢/ ٣٨٣" "١٦١٠".
٢ عليها في الأصل: خف أي تقرأ بالتخفيف.
٣ "٢/ ٣٨٤" "١٦١٣".
٤ "٢/ ٣٨٦" "١٦١٥" وابن أبي ليلى تابعي انظر "مشاهير علماء الأمصار" لابن حبان "ص١٠٢" فالأثر مرسل.


الصفحة التالية
Icon