وحي ينزل١ من الله على رسله، ولا صاحب رحمة، فأخبرهم رسول الله ﷺ فيما سألوه عنه: أن جبريل صاحب وحي وصاحب نقمة، وصاحب رحمة، فأنكروا ذلك.
وقالوا هو عدو لنا فأنزل الله عز وجل تكذيبا لهم ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ﴾ الآية، ثم قال الواحدي٢: "قال مقاتل٣: قالت اليهود إن جبريل٤ أمره الله أن يجعل النبوة فينا فجعلها في غيرنا فأنزل الله هذه الآية ".
قلت: جعل الواحدي هذا السبب ترجمتين٥ من أجل الإختلاف في سبب عداوتهم لجبريل وإن كان سبب النزول واحدا وحاصل ما ذكر فيه ثلاثة أقوال:
أحدهما قول الجمهور: إن عداوتهم لكونه ينزل بالعذاب.
ثانيها: كونه حال دون قتل بخت نصر الذي خرب مسجدهم وسفك دماءهم، وسبى ذراريهم.
ثالثها: كونه عدل بالنبوة عن بني إسرائيل إلى بني إسماعيل.
وهذا الثالث قواه الفخر الرازي٦ من جهة المعنى٧؛ لأن معاداة جبريل وهو
٢ "ص٢٨".
٣ انظر تفسيره "١/ ٦٥".
٤ في الواحدي بعد جبريل: عدونا، وفي مقاتل: لنا عدو.
٥ انظر "ص٢٦، ٢٧".
٦ انظر تفسير "٣/ ٢١١" وهو الإمام العلامة الكبير ذو الفنون محمد بن عمر القرشي البكري.
وترجمته في "السير" للذهبي "٢١/ ٥٠٠-٥٠١" مختصرة، وفي: "تاريخ الإسلام" موسعة وفيهما مدح ونقد فانظرهما ولد سنة "٥٤٤" وتوفي "٦٠٦" وللأستاذ الدكتور محسن عبد الحميد كتاب "الرازي مفسرًا" درس فيها حياته وتفسيره فعد إليه.
٧ ولكنه لم يرد القولين الآخرين، بل اعتبرهما وفسر الآية على ضوئها ثلاثتها، والقول الثاني هنا هو الأول عنده.