جدًّا، مجلسه كأنه البستان، فيه من جميع ما يشتهي الإنسان، العلم والأخبار الحسان، والنوادر اللطاف، وأحوال الناس في كل زمان من غير خروج في ذلك عن السنة، إذا رأى من بعض جلساته ما يسوءه قطع المجلس وقام إلى الصلاة، أو دخل إلى البيت، ونحو ذلك، قلَّ أن يواجه أحدًا بما يكره، يؤدب بأحواله، ويهذب بأقواله.." إلخ.
وقال السخاوي بعد كلام على قضائه وتدريسه ومؤلفاته وغير ذلك١: "كل ذلك مع تواضعه وحلمه، واحتماله وصبره وبهائه وظرفه وصيامه وقيامه واحتياطه، وورعه وميله إلى النكتة اللطيفة، والنادرة الطريفة، ومزيد أدبه مع الأئمة المتقدمين والمتأخرين، بل ومع كل مجالس من كبير وصغير، ومحبته في أهل الفضل، والتنويه بذكرهم وعدم إطراء نفسه، وركونه إلى هضمها، وبذله، وخصاله التي لم تجمع لأحد من أهل عصره... ".
ووصفه بمزيد الأدب مع الأئمة المتقدمين والمتأخرين يؤكد لنا سمو نفسه ووفور فضله مع ما بلغه من مرتبة عالية في العلم والمنصب، وهذا على عكس ما وصف به الإمام الواحدي فقد قال فيه الإمام عبد الغافر الفارسي: "وكان حقيقًا بكل احترام وإعظام، لولا ما كان فيه من غمزة وإزرائه على الأئمة المتقدمين، وبسطه اللسان فيهم بغير ما يليق بماضيهم، عفا الله عنا وعنه"٢.
١٠- مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:
بلغ ابن حجر مكانه علمية رفيعة جدًّا يقول البقاعي٣: "ولم يزل على خدمة العلوم حتى صار رأس الناس قاطبة، وإمام المسلمين كافة".
٢ انظر "معجم الأدباء" "١٢/ ٢٦٠".
٣ "عنوان الزمان" "١/ ٤٦".