وقال ابن إسحاق في "المغازي"١: حدثني محمد بن مسلم الزهري وعاصم بن عمر بن قتادة والحصين٢ بن عبد الرحمن بن عمرو وغيرهم من علمائنا أن رسول الله ﷺ راح حين صلى الجمعة إلى أحد وقد لبس لأمته٣، وكان المشركون نزلوا بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا به إلى أن خرج النبي ﷺ فوصل إلى الشعب يوم السبت النصف من شوال، وكان استشار أصحابه في الخروج إليهم فقال أكثر الأنصار: اقعد يا رسول الله ﷺ فإن دخلوا علينا قاتلناهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، وقال من كان غاب عن بدر وهو يرغب في الشهادة: اخرج بنا إليهم. فخرجوا فندموا وسألوا أن يقيم، فقال: "لا ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل".
وأخرج الطبري٤ من طريق أسباط عن السدي نحو ذلك، وعندهما٥: إن الذين خرجوا معه كانوا ألفا فرجع عبد الله بن أبي بن سلول بثلاثمائة٦ فناداهم عبد الله بن عمرو بن حرام ليرجعوا وناشدهم فأبوا وقالوا: لو نعلم قتالا لاتبعناكم، وقالوا: لترجعن معنا، وكان كل من عبد الله بن أبي، وعبد الله بن عمرو من الخزرج، فهمت بنو سلمة وهم من الخزرج، وبنو حارثة وهم من الأوس أن يرجعوا أيضا، ثم قوى الله

١ انظر "السير والمغازي" "ص٣٢٢". و"سيرة ابن هشام" "٢/ ٦٠-٦٣" و"تفسير الطبري" "٧/ ١٦١-١٦٢" "١٦١". وفي النقل تصرف كثير.
٢ قال الذهبي في "الكاشف" "١/ ١٧٥": "ثقة" وفي "التهذيب" "٢/ ٣٨١": "ذكره ابن حبان في ثقات اتباع التابعين فكأن روايته عن الصحابة عنده مرسلة، وقال الآجري: سألت أبا داود عنه فقال: حسن الحديث، وقال أبو داود لما ساق حديثه عن أسيد بن الحضير: ليس بمتصل" وكان رأيه فيه في "التقريب" "ص١٧٠" "مقبول"!
٣ في "القاموس" "ص١٤٩٢": "لبس اللأمة، للدرع".
٤ "٧/ ١٦٢-١٦٣" "٧٧١٧".
٥ أي: عند ابن إسحاق -انظر "سيرة ابن هشام" "٢/ ٦٤"-والطبري انظر "تفسيره" "٧/ ١٦٦" "٧٧٢٣" من رواية أسباط عن السدي.
٦ عرا اللفظتين سواد، وهذا ما رجحت أن تكونا.


الصفحة التالية
Icon