وأيضًا: ﴿لَتَكُونَنَّ﴾ لا تَصْلُح جَوابَ شرطٍ؛ لأن اللامَ لا يُمْكِن أنْ تَقْتَرِنَ بجَواب الشَّرطِ، إنَّما تَقترن بجَوابِ القَسَم.
والقاعدةُ عند أهلِ العِلْم في النحوِ يقولون: إنه إذا اجتمعَ شَرْطٌ وقَسَمٌ، فاحذِفْ جَوابَ المتأخِّر، فإذا قلت: "إنْ قمتَ واللهِ ضَرَبْتُكَ"، جاز أن تقول: "لَأَضْرِبَنَّكَ"؛ لأن الشَّرطَ متقدِّم، ولكن لو قلتَ: "واللهِ إنْ قمتَ ضَرَبْتُكَ" فلا يجوزُ أن تقولَ: "لَأَضْرِبَنَّكَ".
وقولهم: ﴿لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَانُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ﴾ أكدوا فيه - والعياذُ باللهِ - ما أرادوا من رَجْمِهِ بثلاثةِ مُؤَكِّدات: القَسَم، واللام، ونون التَّوكيد، ثم أَوْغَلُوا في الوَعِيد والتهديدِ، حيث قالُوا: ﴿مِنَ الْمَرْجُومِينَ﴾ ولم يقولوا: لَنَرْجُمَنَّك، كَأنَّهم يقولون: هناك مَن سَبَقَكَ فرُجِم، فنحنُ نَرْجُمُكَ معَهم، فهذا أبلغُ مِن لو أنَّهم قالوا: (لَنَرْجُمَنَّكَ)؛ لأن فيه تَخويفًا؛ حيثُ إنه ليس أوَّلَ مَن يُرْجَم، بل هناك مَن رُجِمَ قبلَه.
وهل يَقصِدون أنَّهم يَرْجُمُونه بالحجارةِ أو بالقولِ؟
الظَّاهرُ والأقربُ أنَّهم يَقْصِدون رَجْمَه بالحجارةِ؛ لأنَّ الرجمَ بالقولِ قليلُ الإستعمالِ، ثم إنَّ التهديدَ به من هؤُلاءِ الَّذينَ يَرَوْنَ أنَّهم يَتَكَلَّمُونَ من مصدرِ القُوَّة ليس بلائقٍ في المَقامِ، فالصَّوابُ أنَّهم يُهَدِّدُونَه بالرَّجْم بالحجارةِ، واللهُ أعلمُ.
حينئذٍ لجأَ إلى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فقال: ﴿رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (١١٧) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ﴾، وهذا الدُّعاءُ جمَعَ بين أسْبابِ الإجابةِ الثلاثةِ، وهي:
الأوّل: دُعاء الله تَعالَى باسمِ الربوبيَّة: ﴿رَبِّ﴾.