وقَوْلهُ: ﴿الْأَقرَبِينَ﴾ اسمُ تفضيلٍ، فيَقْتَضِي أنه ما دام أنَّ الحُكْم مُعَلَّق بالأقرب، أنه كلَّما كَان أقربَ كَان أَولى وأحقَّ.
وقول المُفَسِّر: [هم بنو هاشم وبنو المطَّلِب]، هذا ليس بصَحِيحٍ؛ إذْ لَيسوا كلّهم منَ الأقربِ، على أنَّ مِنهم من هو من الأقربِ بلا شَكّ، ومنهم مَن أجابَ ومنهم مَن لم يُجِبْ، وقدِ امتنعَ عنِ الإجابةِ عمُّه أبو لَهَبٍ، وهو من أقربِ النَّاسِ إليه؛ لأن "عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ" (١)، وامتنعَ عن الإجابةِ عمُّه أبو طالبٍ أيضًا، وهو صِنو أبيه، لكنَّ عمَّه أبا طالِبٍ وَالاهُ وناصَرَهُ، وعمه أبو لَهَبٍ عاداه وخَذَلَهُ، والعياذ بالله. وقد صار أمامَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثلاثةُ أقسامٍ:
١ - قِسْمٌ آمَنَ به.
٢ - وقسم نصَره ولم يؤمنْ به.
٣ - وقسم لم يؤمنْ به ولم يَنْصُرْه.
وهذا من حكمة الله عَزَّ وَجَلَّ؛ لأنَّهم لو نَاصَرُوه كلُّهم وآمنوا به، لقِيل: هذا رجلٌ يريدُ المُلْك والسِّيادة، ولهذا تَبِعَهُ أقاربُه، وهم متَّفِقون على هذه الخطَّة، ولكن من حِكمة الله أن الله تَعالى قدّمهم هذا التقديمَ.
وفي هذا دليلٌ على أَنَّه يجب على الإِنْسانِ أنْ يُرْشِدَ وَيعِظَ الأقربَ منه فالأقرب، وهو مسئولٌ سُؤالًا مباشِرًا بالنِّسبةِ إلى أهلِهِ.
قَوْلهُ: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ﴾ قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [ألِنْ جَانِبَكَ، ﴿لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤمِنِينَ﴾ الموحِّدين]، والإنذارُ لِلْعَشيرة، وخَفْضُ الجَناحِ للمؤمنِ، سواء كَان