فظهر من هذا التحقيق، أن الوحي عبارة عن تجلي الحق لجبريل أو للنبي ﷺ بصفة الكلام النفسي، وهو عبارة عن هذا اللفظ والمعنى، غير أن اللفظ في ذلك التجلي ليس متجسداً، بل هو معنى عبر عته في هذا العالم لضيقه عن التعبير بتلك العبارة، كما يعبر عن رؤية اللبن في المنام بالعلم.
وبما ذكر علم أن صفة الكلام متعقلة، وأنها عبارة عن تجلي الله - تبارك وتعالى - على جبريل أو على النبي ﷺ بصفة الكلام، فيحصل له إدراك اللفظ والمعنى من ذلك التجلي، والصفة القديمة. والكلام الإلهي في ذلك التجلي منزه عن الصوت والحرف.
فإن قلت: قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: إن القرآن نزل من عند الله - تعالى - من اللوح المحفوظ جملة إلى السفرة الكرام في السماء الدنيا، وإن السفرة نجمته على جبريل في عشرين ليلة، وجبريل نجمه على النبي ﷺ في عشرين سنة. فهذا يقضي أن جبريل ما أخذه إلا عن السفرة.