قلت: لا تنافي، لاحتمال أن جبريل عليه السلام سمعه من الله سبحانه وتعالى كما تقدم بصفة التجلي، فعلمه جميعه، ثم أمره الله أن يأخذه من اللوح المحفوظ، فيضعه في بيت العزة، عند السفرة، ثم أمر الله سبحانه وتعالى السفرة أن تنجمه على جبريل في عشرين ليلة، لكل سنة ليلة، وإنما كان التنجيم من السفرة على جبريل، لما ذكره الحكيم الترمذي: (إن سر وضع القرآن في السماء الدنيا، ليدخل في حدها، فإنه رحمة لأهلها)، فأخذ جبريل عن السفرة، إشارة إلى أنه صار مخصوصاً بهم، فلا يؤخذ إلا عنهم، وكان مقتضى الأمر، أن ينزل جملة إلى الأرض، لكن لما كان في ذلك حكم ذكرها الله سبحانه وتعالى في قوله: (كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا. ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا) [الفرقان: ٣٢، ٣٣] وسيأتي تفصيله في العلم الثالث.
ويدل غلى سماع جبريل من الحق سبحانه وتعالى ما أخرجه الطبراني، من حديث