النواس بن سمعان مرفوعاً: (إذا تكلم الله بالوحي أخذت السماء رجفة شديدة من خوف الله، فإذا سمع بذلك أهل السماء صعقوا وخروا سجداً، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل، فيكلمه الله من وحيه بما أراد، فينتهي إلى الملائكة، كلما مر بسماء سأله أهلها، ماذا قال ربنا؟ قال: الحق، فينتهي به حيث أمر)، انتهى.
فإن قلت: بعد إنزال القرآن إلى السماء الدنيا، وتنجيم السفرة له على جبريل، هل يحتاج في كل نزول إلى وحي إلهي؟ أو لا يحتاج، لكونه قد علم ما ينزل به في كل عام؟
قلت: الظاهر أنه لا يمكن أن ينزل في شيء إلا بوحي إلهي، لوجهين:
أحدهما: عدم علمه بوقت الواقعة الموجبة لنزول شيء يناسبه، فيوحى إليه: أن قد وقع ذلك، فانزل بكذا مما هو عندك.
الثاني: لو فرض أن الله عز وجل أعلمه ذلك، فلا يمكن النزول - أي بالوحي -، لقوله تعالى على لسان الملائكة: (وما نتنزل إلا بأمر ربك) [مريم: ٦٤].
وأخرج البخاري في صحيحه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ لجبريل: (ألا تزورنا أكثر مما تزورنا؟ فنزلت: (وما نتنزل إلا بأمر ربك له


الصفحة التالية
Icon