وقال داود بن أبي هند: سألت الشعبي عن فواتح السور فقال: يا داود لكل كتاب سر، وإن سر القرآن في فواتح السور، فدعها وسل ما بدا لك.
وقال بعضهم: إن الله تعالى لما بشر أهل الكتاب بمحمد ﷺ أخبرهم بعلاماته وعلامات كتابه، فقال: (الم. ذلك الكتاب)؛ أي: (ألم) علامة ذلك الكتاب الذي بشرتكم به.
وقال بعض أهل اللغة: قسم، أقسم الله تعالى بحروف المعجم لفضلها وشرفها، ولأنها مثاني كتب الله المنزلة، ومباني أسمائه الحسنى وصفاته.
وقد أقسم الله عز وجل بـ (الفجر)، و (الطور)، و (ق)، (والتين والزيتون) و (بالقلم)، وكذلك أقسم بقوله: (الم. ذلك الكتاب)؛ أي: وحروف المعجم لهو الكتاب لا ريب فيه، وكذلك سائر فواتح السور، أقسم
بالحروف المقطعة كلها واقتصر على ذكر بعضها من جميعها، كما يقول القائل: تعلمت (أ، ب، ت، ث) وهو لا يريد تعلم هذه الأربعة الأحرف دون غيرها، ولكن اجتزى ببعضها.
وقيل: إن قريشاً كانت تعرض عند قراءة رسول الله ﷺ بالتصفير والتصفيق، استقلالاً له، ولئلا تسمع ما يقول، كما أخبر الله عز وجل بقوله: (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون) [فصلت]، فجعلت هذه الأحرف في أوائل السور سبباً إلى استماعهم لما بعدها؛ لأنهم كانوا إذا سمعوها استغربوا وتعلقت أنفسهم بها، وكان ذلك سبباً


الصفحة التالية
Icon