يجهر بالقراءة في صلاته- وكان حسن الصوت- فقال لغلامه: اذهب إلى هذا المصلي فمره أن يخفض من صوته، فقال الغلام: إن المسجد ليس لنا وللرجل فيه نصيب، فرفع سعيد صوته وقال: يا أيها المصلي، إن كنت تريد الله تعالى بصلاتك فاخفض صوتك، وإن كنت تريد الناس فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا. فسكت عمر وخفف ركعته، فلما سلم أخذ نعليه وانصرف، وهو يومئذ أمير المدينة.
ومما يدل على استحباب الجهر، ما روي: أنه- عليه الصلاة والسلام- سمع جماعة من أصحابه يجهرون في صلاة الليل، فصوب ذلك.
قال النووي- رحمه الله تعالى-: والجمع بينهما أن الإخفاء أفضل حيث خاف الرياء، أو تأذى المصلين أو نيام بجهره، والجهر أفضل في غير ذلك؛ لأن العمل فيه أكثر، ولأن فائدته تتعدى إلى السامعين، ولأنه يوقظ قلب القارئ ويجمع معه إلى الفكر، ويصرف سمعه إليه، ويطرد النوم، ويزيد في النشاط.