الأنبياء في السور لمناسبتها للمعنى الذي سيقت له، ولا يدع أن تناسب القصة الواحدة معانيا متعددة، ولا يعد إعادة؛ إذا كان القصد غير الأول، وسورت السور طوالا، وأوساطا، وقصارا تنبيها على أن الطول ليس من شرط الإعجاز، فهذه سورة (الكوثر) ثلاث آيات، وهي معجزة إعجاز سورة (البقرة).
ثم ظهر لذلك حكمة في التعليم، وتدرج الأطفال من السور القصار إلى ما فوقها، تيسيرا من الله- جل شأنه- على عباده لحفظ كتابه.
قال الزمخشري في "الكشاف": الفائدة في تفصيل القرآن وتقطيعه سورا كثيرة:
وكذلك أنزل الله "التوراة"، و"الإنجيل"، و"الزبور"، وما أوحاه إلى أنبيائه، مسورة، وبوب المصنفون كتبهم مرشحة الصدور بالتراجم لفوائد:
منها: أن الجنس إذا انطوت تحته/ أنواع، وأصناف، كان أحسن وأفخم من أن يكون بابا واحدا.
ومنها: أن القارئ إذا ختم سورة أو بابا من الكتاب، ثم أخذ في آخر، كان أنشط له وأبعث على التحصيل منه لو استمر على الكتاب بطوله، ومثل ذلك المسافر إذا قطع ميلا أو فرسخا نفس ذلك عنه، ونشط للسير، ومن ثمة جزئ القرآن أجزاء وأخماسا.
ومنها: أن الحافظ إذا أخذ السورة، اعتقد أنه أخذ من كتاب الله طائفة مستقلة بنفسها، فيعظم عنده ما حفظ، ومنه حديث أنس: كان الرجل إذا قرأ (البقرة) و (آل عمران) جد فينا.


الصفحة التالية
Icon