الرابع: المناسبة: وهي إما مناسبة المتقدم لسياق الكلام كقوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦)﴾ [النحل: ٦]، فإن الجمال بالجمال وإن كان ثابتًا حالي السراح والإراحة إلا أنها حالة إراحتها وهو مجيئها من الرعي آخر النهار يكون الجمال بها أفخر إذ هي فيه بطان وحالة سراحها إلى الرعي أول النهار يكون الجمال بها دون الأول إذ هي فيه خماص ونظيره في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾ [الفرقان: ٦٧] قدم نفي الإسراف على نفي التقتير لأن السرف في الإنفاق وقوله تعالى: ﴿يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [الروم: ٢٤] لأن الصواعق تقع مع أول برقة ولا يحصل المطر إلا بعد توالي البرقات وقوله: ﴿وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: ٩١]، قدمها على الابن لما كان السياق في ذكرها في قوله: ﴿الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾ [التحريم: ١٢]، لذلك قدم الابن في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً﴾ [المؤمنون: ٥٠] وحسنه تقدم موسى في الآية التي قبله. ومنه قوله تعالى: ﴿وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ [الأنبياء: ٧٩] قدم الحكم وإن كان العلم سابقًا عليه لأن السياق فيه لقوله في أول الآية: ﴿إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ﴾ [الأنبياء: ٧٨].
وأما مناسبة لفظ هو من التقديم والتأخير كقوله تعالى: ﴿الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ﴾ [الحديد: ٣]، ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحجر: ٢٤]، ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ﴾ [المدثر: ٣٧]، ﴿بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [القيامة: ١٣]، ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠)﴾ [الواقعة]، {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ