حتى بلغ ﴿طَائِعِينَ﴾ [فصلت: ١١] ثم قال في الآية الأخرى: ﴿أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا﴾ [النازعات: ٢٧]، ثم قال: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ [النازعات: ٣٠]. وأسمعه يقول: كان الله، ما شأنه يقول: وكان الله؟
فقال له ابن عباس - رضي الله عنهما - أما قوله: ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)﴾ فإنهم لما رأوا يوم القيامة وأن الله يغفر لأهل الإسلام ويغفر الذنوب ولا يغفر شركًا ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره جحده المشركون رجاء أن يغفر لهم فقالوا: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ فختم الله على أفواههم وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون، فعند ذلك: ﴿يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (٤٢)﴾.
وأما قوله: ﴿فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾، فإنه إذا نفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون.
وأما قوله تعالى: ﴿خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ﴾ فإن الأرض خلقت قبل السماء وكانت السماء دخانًا فسواهن سبع سموات في يومين بعد خلق الأرض.
وأما قوله تعالى: ﴿بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ يقول: جعل فيها جبلًا وجعل فيها نهرًا وجعل فيها شجرًا وجعل فيها بحورًا.
وأما قوله تعالى: ﴿كَانَ اللَّهُ﴾ فإن الله كان ولم يزل كذلك وهو كذلك


الصفحة التالية
Icon