﴿خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾ [الشورى: ٤٥] قال قطرب فبصرك اليوم أي علمك ومعرفتك بها قوية من قولهم بصر بكذا أي علم وليس المراد به العين.
وقال الفارسي ويدل على ذلك قوله تعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ﴾ [ق: ٢٢].
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٢٨] مع قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الأنفال: ٢]، فقد يظن أن الوجل خلاف الطمأنينة وجوابه إن الطمأنينة تكون بانشراح الصدر بمعرفة التوحيد والوجل يكون عند خوف الزيغ والذهاب عن الهدى فتوجل القلوب لذلك وقد جمع بينهما في آية واحدة في قوله تعالى: ﴿تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الزمر: ٢٣].
ومما استشكلوه قوله تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا﴾ [الكهف: ٥٥]، فإنه يدل على انحصار المانع من الإيمان في أحد هذين الشيئين.


الصفحة التالية
Icon