ثم لها تفريعات تحلق بهذه الاثني عشر القسم وهي أن النظر في أحوال الاستعارة على ثلاثة أقسام: في المشبه والمشبه به ووجه الشبه فإنه لا يخلو إمّا أن يكون المشبه والمشبه به ووجه الشبه حسيًا مثل قول الله تعالى: ﴿وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا﴾ [مريم: ٤] فإن المشبه به هو النار والمشبه سريان الشيب في الرأس ووجه الشبه انبساط الشيب في الرأس وسرعته وكل منهم محسوس فيقال في هذه استعارة تبعية تحقيقية مجردة لأنه أتى بما يلائم المستعار له وهو الشيب وقد يكون المستعار له والمستعار منه حسيان ووجه الشبه معقول كقول الله تعالى: ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (٣٧)﴾ [يس: ٣٧] فالسلخ الذي هو كشط الجلد محسوس وكشف الضوء عن الليل محسوس أيضًا ووجه الشبه وهو ترتيب وجود الليل على انسلاخ النهار معقول كذا ذكر في تلخيص المفتاح وشروحه وعندي أنه ليس من هذا الباب بل وجه الشبه أيضًا في هذه الآية محسوس فإن بانسلاخ الجلد يظهر اللحم وبذهاب النهار يظهر الليل وهو أمر محسوس وترتب وجود الليل على ذهاب النهار أمر ظاهر محسوس والله أعلم.
وإنما الذي من هذا القبيل قول الله تعالى: ﴿فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ﴾ [يونس: ٢٤] فإنه شبه الإهلاك والذهاب بالحصاد ووجه


الصفحة التالية
Icon